PHOTO
من خالد عبد العزيز
الخرطوم 12 أبريل نيسان (رويترز) - استقال وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف اليوم الجمعة من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد يوم واحد فقط في المنصب مع مطالبة المحتجين بتغيير سياسي أسرع في أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس السابق عمر البشير.
وبعد ساعات من سعي المجلس العسكري لتهدئة الغضب الشعبي بتعهده بأن تكون الحكومة الجديدة مدنية، قال بن عوف في خطاب بثه التلفزيون الرسمي اليوم إن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن سيتولى رئاسة المجلس العسكري الانتقالي.
وقال بن عوف أيضا إن رئيس الأركان الفريق أول ركن كمال عبد المعروف الماحي أعفي من منصبه كنائب لرئيس المجلس العسكري.
وأضاف بن عوف "حرصا على تماسك المنظومة الأمنية والقوات المسلحة بصفة خاصة، من الشروخ والفتن، وتوكلا على الله لنبدأ مسيرة التغيير هذه، قد تعين على اجتياز المراحل الصعبة".
وقال الرشيد سعيد المتحدث باسم تجمع المهنيين لرويترز "ما حدث هو خطوة في الطريق الصحيح وهو رضوخ لرغبة الجماهير وقد اقتربنا من النصر. نحن متمسكون بمطالبنا التي قدمناها للجيش ..وندعو الجماهير للبقاء في الشوارع لحين تحقيق كل المطالب".
وقال المجلس العسكري في وقت سابق إنه يتوقع أن تستمر الفترة الانتقالية التي أعلن عنها أمس الخميس عامين كحد أقصى لكنها قد تنتهي خلال فترة أقل بكثير إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى.
وأفاد الفريق أول ركن عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري بأن المجلس سيعقد حوارا مع الكيانات السياسية.
واستهدف إعلان اليوم عن أن الحكومة الجديدة ستكون مدنية على ما يبدو طمأنة المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع لرفض فرض حكم الجيش بعد الإطاحة بالبشير، داعين إلى تغيير أسرع ومستدام على نحو أكبر.
لكن تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات ضد البشير، رفض الاقتراح قائلا إن "الانقلابيين... ليسوا أهلا لصنع التغيير".
وكرر في بيان مطالبه "بتسليم السلطة فورا لحكومة مدنية انتقالية".
وانتزع بالبشير (75 عاما) نفسه السلطة في انقلاب عسكري عام 1989. وواجه مظاهرات بدأت قبل 16 أسبوعا وأشعل فتيلها ارتفاع أسعار الغذاء ومعدل البطالة وزيادة القمع خلال فترة حكمه التي امتدت لثلاثة عقود.
وقال شهود إن السودانيين احتشدوا لأداء صلاة الجمعة بالشوارع المحيطة بوزارة الدفاع برغم ارتفاع درجة الحرارة، ملبين دعوة تجمع المهنيين السودانيين في تحد للمجلس العسكري.
وتضخمت الأعداد بعد الظهر وقال شاهد من رويترز إن ما يقدر بمئات الآلاف احتشدوا بالشوارع حول الوزارة.
وقال الطبيب عبد الحميد أحمد (24 عاما) في الاعتصام "نحن لا نرفض المجلس العسكري من حيث المبدأ، لكننا نرفض هؤلاء الناس لأنهم من نظام البشير".
وكان بن عوف نائبا للبشير وهو من بين بضعة قادة سودانيين فرضت واشنطن عقوبات عليهم بتهمة الضلوع في فظائع ارتُكبت خلال الصراع في دارفور عام 2003.
وأعلن بن عوف في كلمته أمس الخميس التي أعلن فيها الإطاحة بالبشير تحفظه عليه "في مكان آمن"، مضيفا أنه تقرر تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور ووقف إطلاق النار في شتى أنحاء البلاد وكذلك حظر التجول أثناء الليل، وهي خطوات انتقدتها الجماعات الحقوقية.
والفريق أول عبد الفتاح البرهان هو ثالث أكبر قائد عسكري في القوات المسلحة السودانية وليس معروفا في الحياة العامة. وكان قائد القوات البرية، وهو دور أشرف خلاله على القوات السودانية التي قاتلت ضمن القوات التي تقودها السعودية في حرب اليمن.
* عملية سياسية شاملة
قال ياسر عبد الله عبد السلام أحمد المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة بالإنابة أمام مجلس الأمن الدولي اليوم إن أي عملية ديمقراطية في البلاد تحتاج إلى وقت ودعا المجتمع الدولي إلى دعم عملية انتقال سلمي. وأضاف في اجتماع بشأن منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها مع جنوب السودان أنه لن يتم استبعاد أي حزب من العملية السياسية بما في ذلك الجماعات المسلحة.
واجتمع مجلس الأمن اليوم الجمعة في جلسة سرية للاستماع إلى تقرير حول أحدث التطورات في السودان.
وذكر المندوب السوداني أنه علاوة على ذلك فإن تعليق العمل بالدستور يمكن رفعه في أي وقت كما يمكن تقليص الفترة الانتقالية بناء على التطورات على الأرض.
وذكرت وكالة السودان للأنباء اليوم الجمعة أن المجلس العسكري سيؤجل الاجتماع إلى موعد يحدد لاحقا.
كما أعلن المجلس أنه لن يسلم البشير ليواجه اتهامات بالإبادة الجماعية أمام المحكمة الجنائية الدولية لكنه قال إن البشير قد يمثل للمحاكمة في السودان.
وقالت قوى عالمية من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا إنها تدعم انتقالا سلميا وديمقراطيا في السودان خلال أقل من عامين. وقالت الصين إنها ستواصل السعي للتعاون مع السودان بغض النظر عن الوضع السياسي.
وتعهد زين العابدين بألا يتدخل المجلس العسكري في عمل الحكومة المدنية لكنه قال إن المجلس سيحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية.
* "غير طامعين في السلطة"
وقال زين العابدين إن المجلس العسكري لا يملك حلولا لأزمة السودان وإن الحلول تأتي من المحتجين.
وأضاف "نحن مع مطالب الناس اليوم... نحن غير طامعين في السلطة".
وتابع "لن نملي شيئا على الناس ونريد خلق مناخ لإدارة الحوار بصورة سلمية. سندير حوارا مع الكيانات السياسية لتهيئة مناخ الحوار".
لكن الاجتماع تأجل لاحقا. وقالت وكالة السودان للأنباء إنه يتعين على كل حزب سياسي أولا أن يقدم غدا السبت أسماء ممثلين اثنين مفوضين من الحزب لحضور الاجتماع.
وقال المجلس العسكري إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا غير مدعو للحوار "لأنه مسؤول عما حدث".
وتعهد بالعمل مع الحكومة الجديدة لحل مشاكل السودان الاقتصادية لكنه حذر المحتجين من أن الجيش لن يتهاون مع القلاقل.
وقال زين العابدين "الاحتجاج مكفول لكن ممنوع التعدي على حرية الآخرين. كل من يغلق طريقا أو كوبري سنكون حاسمين جدا".
وأكد المجلس العسكري اليوم الجمعة أنه لن يسلم البشير الذي يواجه اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وأصدرت المحكمة أمرا باعتقال البشير على خلفية مزاعم بارتكاب جرائم إبادة جماعية في منطقة دارفور أثناء تمرد بدأ في عام 2003 وأودى بحياة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص. وينفي البشير تلك الاتهامات.
وقال زين العابدين "احنا كمجلس عسكري في فترتنا الرئيس (البشير) ما هنسلمه للخارج، نحاكمه لكن ما بنسلمه".
ويجيء سقوط البشير عقب الإطاحة هذا الشهر بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إثر احتجاجات شعبية أيضا على حكمه الذي دام عقدين.
(إعداد علي خفاجي للنشرة العربية - تحرير أبو العلا حمدي)