توقع جوزف ضاهرية كبير استراتيجيي الأسواق في تيكميل TickMill للوساطة التي مقرها لندن ولها مكتب بدبي، أن تحتاج السعودية لزيادة إضافية في احتياجاتها التمويلية خلال العام الجاري، للإنفاق على التوسعات في الأنشطة غير النفطية.

رفعت السعودية في أبريل الماضي، الاحتياجات التمويلية للعام الجاري بنحو 60% لتصل إلى 138 مليار ريال (36.8 مليار دولار)، لتعزيز الإنفاق وتسريع المشاريع وتعزيز الاحتياطيات العامة، ضمن خططها لتنويع الاقتصاد وزيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية بالناتج المحلي الإجمالي.

 "من الصعب الجزم ما إذا كانت الزيادة في الاحتياجات التمويلية بنسبة 60% للعام الجاري ستكون كافية لتحقيق جميع الأهداف الموضوعة. فهناك احتمالية لحدوث زيادة إضافية في الاحتياجات التمويلية خلال العام،" وف ق ضاهرية.

 ورهن ضاهرية الحاجة لزيادة الاحتياجات التمويلية للمملكة بعدة عوامل بينها نجاح المشاريع الاستثمارية الحالية، والتطورات في البيئة الاقتصادية المحلية والعالمية خصوصا إيرادات النفط التي هي المورد الأساسي لمداخيل الدولة، وظهور احتياجات جديدة غير متوقعة.

إشكالية الدين

لجأت الحكومة السعودية إلى الاستدانة كوسيلة لتمويل المشروعات الحكومية الكبرى وتوسعات في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة والتكنولوجيا، مما يساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة دون الحاجة إلى استنزاف كامل للاحتياطيات المالية. 

"ومع ذلك، فإن وكالات التصنيف العالمية قد تنظر إلى الزيادة في الديون كعامل سلبي على التصنيف الائتماني للمملكة إذا لم تتم إدارتها بحكمة،" بحسب ضاهرية.

ويرى المحلل، أن وكالات التصنيف قد تنظر للديون كمؤشر على ارتفاع المخاطر المالية خاصة في حال عدم قدرة الحكومة على توليد الإيرادات الكافية لسداد هذه الديون مستقبلا، لكن "طالما أن الديون موجهة نحو مشروعات ذات عوائد اقتصادية مستدامة وتعزز النمو، فإنها تخفف من التأثير على التصنيف الائتماني".

وخلال السنوات الماضية، ارتفعت قيمة الدين العام في المملكة بشكل متتالي، ومنذ 2015 ارتفع حجم الدين أكثر من 8 مرات بنهاية الربع الثاني من 2024 ليسجل نحو 306.4 مليار دولار، فيما قفزت نسبته للناتج المحلي الإجمالي من 5.7% في 2015 إلى نحو 27% بنهاية يونيو 2024.

 

وأشار المحلل، إلى أن وكالات التصنيف تأخذ في الاعتبار عدة عوامل عند تقييم الاقتصادات، ومن بين هذه العوامل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وإيرادات النفط بالنسبة للمملكة.

"من المتوقع أن تصل نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي إلى 30% في 2025 .. وهو أقل من نسب الدول الأخرى المتوفرة على نفس التصنيف الائتماني،" بحسب ضاهرية.

وفي تقريرها الصادر فبراير الماضي، قالت وكالة فيتش إن الدين الحكومي في السعودية آخذ في الارتفاع لكنه في مستوى منخفض عند ما يقرب من نصف المتوسط "A" البالغ 50%.

وثبتت فيتش في فبراير، تصنيف السعودية لقدرتها على الوفاء بالالتزامات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية عند مستوى "A+‎" مع نظرة مستقبلية مستقرة. وفي مايو رفعت موديز تصنيف السعودية بالعملة المحلية والأجنبية إلى "Aa1" من "Aa2".

وتوقعت فيتش أن ترتفع نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 28% في عام 2024 و30% في 2025.

ووفق المحلل فمن المتوقع أن تسهم جهود تحسين الإدارة المالية في تعزيز الثقة في اقتصاد السعودية وتحسين تصنيفه الائتماني.

بعيدا عن النفط

تستمر الأنشطة غير النفطية في النمو، والعام الماضي ساهمت الأنشطة غير النفطية بنسبة 50% في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مع نمو ملحوظ في قطاعات مثل الخدمات الاجتماعية والتجارة والمطاعم والفنادق، فيما يتوقع زيادة مساهمته خلال السنوات المقبلة بشكل أكبر.

ووفق تقديرات فيتش، ستشكل إيرادات النفط نحو 60% من إجمالي إيرادات الموازنة بين العامين الحالي والمقبل ورغم كونه لا يزال اعتماد كبير لكن هذه تعد نسبة متراجعة من نحو 90% المسجلة قبل 10 سنوات.

"حققت المملكة بالفعل تقدما ملحوظا في هذا الصدد..تشير التوقعات إلى أن متوسط النمو المتوقع للأنشطة غير النفطية سيكون حوالي 6% على المدى المتوسط،" وفق ضاهرية.

 وبالنظر إلى توجه الحكومة السعودية نحو تنفيذ مشروعات تنموية ضخمة ضمن رؤية 2030، فيتوقع استمرار الحاجة لتمويلات إضافية في 2025.

وحسب ضاهرية "من المرجح أن تستمر الحاجة إلى التمويل في العام القادم، وقد تشهد زيادة إذا تطلبت الخطط الاقتصادية والتنموية المزيد من الاستثمارات".

 

(إعداد: شيماء حفظي، تنفيذ تشارت: محمود جاد، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا