PHOTO
من خالد عبد العزيز
الخرطوم 12 أبريل نيسان (رويترز) - وعد المجلس العسكري الحاكم في السودان اليوم الجمعة بأن الحكومة الجديدة ستكون مدنية تماما وذلك بعد يوم من إطاحة الجيش بالرئيس عمر البشير لكن الوعود قوبلت برفض فوري من الجهة الرئيسية المنظمة للاحتجاجات.
وقال المجلس الذي يدير شؤون البلاد حاليا برئاسة وزير الدفاع عوض محمد أحمد بن عوف إنه يتوقع أن تستمر الفترة الانتقالية التي أعلن عنها أمس الخميس عامين كحد أقصى لكنها قد تنتهي خلال فترة أقل بكثير إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى.
كما أعلن المجلس أنه لن يسلم البشير ليواجه اتهامات بالإبادة الجماعية أمام المحكمة الجنائية الدولية لكنه قال إن البشير قد يمثل للمحاكمة في السودان.
والإعلان عن أن الحكومة الجديدة ستكون مدنية جاء على لسان الفريق عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري ويهدف على ما يبدو إلى طمأنة المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع لرفض فرض حكم الجيش بعد الإطاحة بالبشير.
لكن تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات ضد البشير، رفض الاقتراح قائلا إن "الانقلابيين... ليسوا أهلا لصنع التغيير".
وكرر في بيان مطالبه "بتسليم السلطة فورا لحكومة مدنية انتقالية".
وتعهد زين العابدين بألا يتدخل المجلس العسكري في عمل الحكومة المدنية لكنه قال إن المجلس سيحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية.
ويتولى بن عوف رئاسة المجلس العسكري وكان نائبا للبشير وهو من بين بضعة قادة سودانيين تفرض واشنطن عقوبات عليهم بتهمة الضلوع في فظائع ارتُكبت خلال الصراع في دارفور.
* "غير طامعين في السلطة"
وقال زين العابدين إن المجلس العسكري لا يملك حلولا لأزمة السودان وإن الحلول تأتي من المحتجين.
وأضاف "نحن مع مطالب الناس اليوم... نحن غير طامعين في السلطة".
وتابع "لن نملي شيئا على الناس ونريد خلق مناخ لإدارة الحوار بصورة سلمية.
"سندير حوارا مع الكيانات السياسية لتهيئة مناخ الحوار".
وقال المجلس العسكري إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا غير مدعو للحوار "لأنه مسؤول عما حدث".
وتعهد بالعمل مع الحكومة الجديدة لحل مشاكل السودان الاقتصادية لكنه حذر المحتجين من أن الجيش لن يتهاون مع القلاقل.
وقال زين العابدين "الاحتجاج مكفول لكن ممنوع التعدي على حرية الآخرين. كل من يغلق طريقا أو كوبري سنكون حاسمين جدا".
واعتصم آلاف المتظاهرين السودانيين اليوم الجمعة خارج وزارة الدفاع للمطالبة بحكومة مدنية في تحد لحظر التجول كما دعوا إلى تنظيم صلاة الجمعة خارج وزارة الدفاع.
ورفض المتظاهرون الذين خرجوا في احتجاجات شبه يومية ضد البشير قرار تشكيل مجلس عسكري انتقالي وتعهدوا بمواصلة الاحتجاجات لحين تشكيل حكومة مدنية.
وقال شاهد من رويترز إنه تم نصب خيام كبيرة في مكان الاعتصام خارج مجمع وزارة الدفاع وجلب البعض طعاما ووزعوا المياه مع تزايد أعداد الحاضرين. وقال أحد المحتجين ويدعى أحمد الصادق (39 عاما) إنه لم ينم في منزله منذ بدء الاعتصام يوم السبت.
وذكر شاهد من رويترز أن نشطاء يرتدون سترات صفراء تولوا تنظيم المرور حول المجمع صباح اليوم الجمعة وأداروا حركة السير من وإلى مكان الاعتصام. وأغلق النشطاء أيضا جسرا رئيسيا في وسط الخرطوم.
وجاءت الإطاحة بالبشير (75 عاما) بعد مظاهرات بدأت قبل 16 أسبوعا وأشعل فتيلها ارتفاع أسعار الغذاء ومعدل البطالة وزيادة القمع خلال فترة حكمه التي امتدت لثلاثة عقود.
* قوى عالمية
وقالت قوى عالمية من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا إنها تدعم انتقالا سلميا وديمقراطيا في السودان خلال أقل من عامين. وقالت الصين إنها ستواصل السعي للتعاون مع السودان بغض النظر عن الوضع السياسي.
وأعلن بن عوف في كلمته أمس الخميس التحفظ على البشير "في مكان آمن" وقال التلفزيون الرسمي إن بن عوف سيتولى رئاسة المجلس العسكري.
وقال بن عوف إنه تقرر تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور ووقف إطلاق النار في شتى أنحاء البلاد.
وقال التلفزيون الرسمي إن حظر التجول سيكون من الساعة العاشرة مساء حتى الرابعة صباحا.
لكن المجلس العسكري أكد اليوم الجمعة أنه لن يسلم البشير الذي يواجه اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وأصدرت المحكمة أمرا باعتقاله على خلفية مزاعم بارتكاب جرائم إبادة جماعية في منطقة دارفور أثناء تمرد بدأ في عام 2003 وأودى بحياة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص. وينفي البشير تلك الاتهامات.
وقال زين العابدين "احنا كمجلس عسكري في فترتنا الرئيس (البشير) ما هنسلمه للخارج، نحاكمه لكن ما بنسلمه".
ويجيء سقوط البشير عقب الإطاحة هذا الشهر بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إثر احتجاجات شعبية أيضا على حكمه الذي دام عقدين.
(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير سها جادو)