رغم ارتفاع التضخم العام في الحضر إلى 14.4% في شهر فبراير، فأمام البنك المركزي المصري مجال في المدى القريب لتيسير السياسة النقدية في مصر بشكل يساعد على تحفيز الاستثمار الخاص وتعزيز النمو الاقتصادي، إذ تشير تقديراتنا إلى أن التضخم الأساسي سيبلغ 9.1% على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الجاري، منخفضا من 32.1% و12.6% خلال الفترة ذاتها من العامين السابقين.
وهذا التراجع خلال الربع الأول من عام 2019 سيكون مدفوعا بعوامل موسمية، ونسبة محدودة لتوقعات التضخم.
(Inflation Expectations)، التي تعد المساهم الرئيسي في تعزيز التضخم، بالإضافة إلى تأثير محدود لتغيرات سعر الصرف في ظل التوقعات بأن يشهد تحركات طفيفة. ويعوض ذلك جزئيا القوى المحركة لانخفاض معدلات التضخم على المدى القصير الناجمة عن تباطؤ النمو الاقتصادي على الرغم من تحسنه.
وتراجع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 11.5% خلال عام 2018 بعد أن بلغ ذروته عند 21.2% في عام 2016، إلا أن التضخم الشهري العام في الحضر قد ارتفع على أساس سنوي في فبراير 2019، ليصل إلى 14.4% مقارنة بمعدل 12.7% في يناير دون تغيير عن معدلات فبراير 2018 البالغة 14.4%. وفي الوقت ذاته، ارتفع التضحم الأساسي الشهري الذي يقوده الطلب إلى 9.2% على أساس سنوي في فبرايرالماضي مقابل 8.6% في الشهر السابق.
ويعود الارتفاع الشهري بشكل رئيسي إلى ارتفاع سلة الأغذية والمشروبات بنسبة 3.5% على أساس شهري. وما عزز تلك الزيادة هو أن أسعار الخضروات، وهى من العناصر المتذبذبة في السلة، قد زادت بنسبة 8.3%، بجانب الارتفاع الشهري في أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 3.9%. وهذا الارتفاع قد سبق مبادرة الحكومة لزيادة المعروض من منتجات الغذاء الرئيسية وطرحها بأسعار معقولة.
وفي محاولة لتسليط الضوء بشكل أكبر على مصادر ومحركات التضخم، قمنا بتقدير نموذج تحليلي للتضخم الأساسي، وهو ما أظهر أنه خلال 2018 ومستهل عام 2019، كانت الديناميكية الذاتية في سلسلة التضخم هي المساهم الرئيسي في تحركات التضخم، مدفوعة بالتأثير غير المباشر (Second Round Effect) لرفع أسعار الطاقة التي وقعت مستهل يونيو 2018.
وفي الوقت ذاته، يعد النشاط الاقتصادي أعلى بشكل طفيف من المستوى المحتمل، وهو ما يوضح نوعا ما ضعف مساهمة الضغوط الدورية على الأسعار، فضلا عن المساهمة في انخفاض معدل التضخم نتيجة غياب اختناقات المعروض. كما تم احتواء ضغوط العوامل الخارجية المتمثلة في تأثر الأسعار بتحركات أسعار الصرف في ظل استقرار سوق الصرف الأجنبي.
ومن الجدير بالذكر أن التضخم العام يتحرك في نطاق 12%، وهو ما يتماشى مع النسبة التي استهدفها البنك المركزي المصري في السابق والتي تبلغ 9% (+/-3%)، كما سجل التضخم الأساسي معدل سنوي بلغ 8% في 2018، منخفضا من 23.4% و18.4% في 2016 و2017 على التوالي. ونتج هذا التراجع عن عدة أسباب: غياب اختناقات المعروض في قطاع الطاقة التي اعتدنا عليها خلال الخمس سنوات الماضية، واستقرار سوق الصرف الأجنبي، فضلا عن احتواء التأثير غير المباشر لتداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في 2016 ومازال في حيز التنفيذ.
ونظرا لأن البنك المركزي المصري مسؤول عن استهداف معدل التضخم المدفوع بالطلب، لا نرى أي مخاطر إيجابية على جانب الطلب. وبالتالي، ففي المدى القريب، يتضح لنا أن هناك فرصة أمام البنك المركزي المصري لتيسير السياسة النقدية بشكل يحفز الاستثمار الخاص ويعزز النمو الاقتصادي. ونتوقع انخفاض أسعار الفائدة بمقدار يتراوح من 50 إلى 100 نقطة أساس خلال اجتماع السياسة النقدية المقبل.
نبذة عن الكاتب: قبيل انضمامه لسيجما، شغل أبو بكر منصب رئيس قطاع البحوث في شركة برايم القابضة بعد عمله كنائب لرئيس البحوث بشركة القاهرة المالية القابضة للاستثمارات المالية. إن أبو بكر لديه خبرة عملية تتخطى التسعة أعوام في أسواق المال، عمل خلالها على بحوث على جانبي البيع والشراء، الاستثمار المباشر، وبنوك الاستثمار. وقبل ذلك، أمضى أبو بكر عامين في القطاع المصرفي. وقد حصل على شهادة محلل مالي معتمد من معهد المحللين الماليين المعتمدين. وقد تخرَّج أبو بكر من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في العام 2006
(تحرير رنا منير البويطي. رنا مترجمة ومحررة مستقلة منذ عام 2011 وعملت سابقاً مترجمة صحفية بموقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز.)
(/https://www.linkedin.com/in/rana-elbowety)
.Any opinions expressed here are the author’s own
Disclaimer: This article is provided for informational purposes only. The content does not provide tax, legal or investment advice or opinion regarding the suitability, value or profitability of any particular security, portfolio or investment strategy. Read our full disclaimer policy here
© Opinion 2019