03 06 2016
قررت الإبقاء على مستويات الإنتاج دون تغيير والاجتماع المقبل 30 نوفمبر
في واحدة من الاجتماعات الوزارية التي شهدت قدرا كبيرا من الأجواء الإيجابية، اختتمت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" دورتها 169 أمس، وخرج جميع وزراء النفط والطاقة في الدول الأعضاء يعربون عن ارتياحهم لنتائج الاجتماعات.
وتمثلت أبرز قرارات الاجتماع في الإبقاء على سياسات الإنتاج كما هي دون تغيير ودون تحديد سقف جديد، ووافق وزراء المنظمة على انضمام الجابون لـ "أوبك" اعتبارا من أول تموز (يوليو) 2016، وتعيين النيجيري محمد باركيندو أمينا عاما لـ "أوبك" اعتبارا من أول آب (أغسطس)، وعقد الاجتماع الوزاري المقبل في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وصرح عبد الله البدري الأمين العام الحالي لـ "أوبك"، أن المنظمة لم تتفق على تحديد سقف جديد للإنتاج، مؤكدا أنه من الصعب جدا الاتفاق على كمية الإنتاج، ولكن في الوقت ذاته فإن الكمية التي ننتجها الآن معقولة بالنسبة للسوق التي تتقبلها.
ولم يكن الإبقاء على سقف الإنتاج دون تغيير مفاجئا للأسواق التي توقعت أن تبقي المنظمة على سقف إنتاجها، ففي وقت سابق، أعربت السعودية عن ثقتها بأن أسعار النفط ستواصل انتعاشها معززة التوقعات بأن تقرر المنظمة مواصلة إنتاجها من النفط كالمعتاد في اجتماعها الذي تعقده في فيينا.
وتخلت "أوبك" في اجتماعها الأخير في كانون الأول (ديسمبر) عن هدف إنتاجها، وهو 30 مليون برميل يوميا، الذي عادة ما تتجاوزه المنظمة إلى نحو 32 مليون برميل يوميا، وزادت إيران إنتاجها من النفط بشكل كبير منذ كانون الثاني (يناير) بعد بدء سريان الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع الدول الكبرى في 2015، وشكلت طهران حجر عثرة أمام اتفاق المنتجين على تجميد الإنتاج في الدوحة في نيسان (أبريل) الماضي.
من ناحية أخرى، اتفقت المنظمة على اختيار النيجيري باركندو الرئيس السابق لشركة النفط الوطنية النيجيرية خلفا لليبي عبد الله البدري الذي تولى هذا المنصب منذ 2007، وكان من المقرر أن تنتهي مهام البدري في 2012 إلا أنه بقي في منصبه نظرا لعدم اتفاق دول "أوبك" على خليفة له. وكان من المرشحين الآخرين للمنصب الفنزويلي علي رودريجرز الذي شغل منصب الأمين العام في الفترة من 2001 حتى 2002، والإندونيسي ماهندرا سيرغار، وصرح المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية: "أن المنظمة اختارت أخيرا أمينا عاما، وهذا أمر جيد. وهو شخص مرموق ومؤهل".
إلى ذلك، عقد الدكتور محمد السادة وزير النفط القطري ورئيس المؤتمر وعبد الله البدري الأمين العام لمنظمة "أوبك" مؤتمرا صحافيا ختاميا، أكد خلاله السادة أن الاجتماع الوزراي كان جيدا وشهد تفاهما طيبا. مؤكدا أن "أوبك" ستظل منظمة قوية ومؤثرة في السوق. مشيرا إلى أن سوق النفط اجتاز مرحلة صعبة من الانخفاضات والتحدي الأكبر كان ولا يزال في ضعف الاستثمارات.
وشدد السادة على أن استقرار ونمو السوق أمر حيوي لـ "أوبك"، وأيضا الدول غير الأعضاء فيها والمستهلكين. مشيرا إلى أن بلوغ الأسعار العادلة أمر مطلوب بشدة لاستمرار الاستثمار، ومضيفا أن الأسعار بدأت في التحسن في المرحلة الراهنة، وأن هناك اتجاها قويا لاستمرار صعود الأسعار، وهو الأمر الذي يلقى رضا واستحسان المنتجين حتى يستطيعوا تمويل مشاريعهم.
وأشار السادة إلى أن الأسعار العادلة لا نستطيع تحديدها بدقة، ولكن يمكن وصفها بأنها المستوى القادر على استمرار نمو الاستثمارات النفطية، معتبرا أنه لا يوجد قلق من عودة انتعاش إنتاج النفط الصخري بسبب نمو الأسعار، وذلك بالنظر إلى الطفرة المتوقعة في الطلب على النفط الخام، لافتا إلى أن الدول غير الأعضاء في "أوبك" تتحرك بشكل جيد في السوق، وقد بدأوا بالفعل تنسيقا جيدا وعقدوا الكثير من الاجتماعات الناجحة.
وقال وزير النفط القطري إننا نتطلع في المرحلة الراهنة لمزيد من التنسيق بين دول "أوبك" وخارجها، مشيرا إلى أن قضية الحصص السوقية ليست من اهتمام الدول غير الأعضاء في المنظمة في المرحلة الحالية بسبب عدم وصول الأسعار إلى المستوى الملائم بعد، موضحا أن أنتاج "أوبك" يشهد نموا واسعا ومتلاحقا، ويجب أن ندرك أن سوق النفط يتسم بسرعة المتغيرات وبالطبيعة الديناميكية والأجواء إيجابية بشكل عام.
وبالنسبة لإنتاج إيران، قال عبد الله البدري الأمين العام لـ "أوبك"، إن طهران منتج ومستثمر مهم ومؤثر في السوق، ولا خوف من استمرار نمو إنتاجها لأنه لم يعد يؤثر في الأسعار، مشيرا إلى تعافي الأسعار، وأن هذا التعافي هو سمة السوق حاليا لأن المخاوف تراجعت للغاية من تأثير إنتاج إيران.
وأشار البدري إلى أن السوق على العكس ما زالت تحتاج إلى مزيد من الإمدادات، منوها إلى ضرورة علاج مشكلة نقص الاستثمارات التي تراجعت بنحو 20 في المائة في العام الجاري، ومن المتوقع أن تتراجع الاستثمارات على نحو أكبر في العام المقبل، ما سيكون له تأثير واسع في ضعف الإمدادات وارتفاع الأسعار.
وأضاف البدري أن الجميع يعلم أن إيران ما زالت تريد زيادة الإنتاج، وهو أمر غير مقلق لأحد.
مشيرا إلى أن الاتجاهات السابقة السلبية كان لها انعكاسات واسعة على الاجتماعات الوزراية، ولكن الاجتماع الحالي، هو أول اجتماع بعد تحسن مستوى الأسعار، مؤكدا أن السوق لن تعود إلى الأسعار المنخفضة ونتمنى استمرار انتعاش الأسعار.
وأوضح أن "أوبك" تنظر إلى مستقبل العرض والطلب على المدى الطويل ولا يزعجها ضعف الطلب في الصين في بعض الأحيان لأنها مطمئنة إلى وجود نمو واسع في الطلب من الأسواق الناشئة بشكل عام.
وأضاف البدري أن تراجع اقتصاد الصين أحيانا يعوضه نمو الهند وعلى المستوى الشخصى كنت شاهدا على أزمات اقتصادية وتراجع أسعار نحو ست مرات في تاريخي المهني، مشددا على أن "أوبك" ستظل قوية ولن تموت وستبقى مؤثرة دوما.
إلى ذلك أكد الدكتور محمد السادة وزير الطاقة القطري تقديره الشديد للمهندس علي النعيمي وزير البترول السعودي الذي ترأس وفد بلاده على مدى أكثر من 20 عاما، كما توجه بالتهنئة إلى المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التي يتولى رئاسة الوفد السعودي، متمنيا له كل التوفيق والنجاح.
وأضاف السادة أن سوق النفط الخام شهدت على مدار الأشهر الستة الماضية مزيدا من التقلبات السعرية، مشيرا إلى أن الأسعار انخفضت لأقصى مستوياتها في يناير الماضي، حيث بلغت 22 دولارا للبرميل ثم بدأت رحلة الصعود ووصلت في أبريل إلى فوق 40 دولارا للبرميل.
وأشار إلى أن "أوبك" ترحب بعودة نمو الأسعار لتأثيرها الإيجابي في مستقبل الاستثمارات في صناعة النفط.
وأضاف أن التنقيب عن النفط تراجع بنحو 20 في المائة في العام الماضي، ومن المتوقع أن يتراجع بنسبة 15 في المائة هذا العام.
وقال إن معدل النمو الاقتصادى للعام الحالي يبلغ 3.1 في المائة مرتفعا عن العام السباق وهو مؤشر جيد لانعكاساته الإيجابية على سوق الطاقة.
وأضاف أن الطلب سينمو بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، وأن أغلبية الطلب ستجيء من الدول النامية. وأوضح أن استقرار السوق هو من مصلحة الجميع، وما زال السوق تتسم بوجود فائض كبير في المخزونات، خاصة في الدول الصناعية، ويقدر بنحو 360 مليون برميل.
وأشار إلى أن "أوبك" تبحث جيدا كل الظروف الاقتصادية المترتبة على اتفاقية باريس حول مكافحة تغير المناخ. منوها إلى أن "أوبك" تدعم الاتفاقية، وتسعى إلى بذل كل جهد ممكن لحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة.
© الاقتصادية 2016