PHOTO
"الشتاء ليس مجرد موسم، لكنه إحتفال" - أناميكا ميشرا – مؤلفة هندية.
يرتبط الشتاء بأعياد الكريسماس واحتفالات رأس السنة. لذلك فإن الشتاء يعد موسم سياحي هام خاصةً في الدول التي تتمتع بالدفء. إلا أن الاحتفالات هذا العام ستكون بين مطرقة الحرب الروسية الأوكرانية وسندان الأزمة الاقتصادية العالمية. لذلك، قد تواجه القارة العجوز "أوروبا" شتاءً بلا تدفئة، إن لم تجد حل لتوقف إمدادات الغاز الروسي. فهل سيكون أحد البدائل أن يسافر الأوروبيون خلال فصل الشتاء لممارسة أعمالهم "عن بعد" بدولٍ تتمتع بالدفء وانخفاض تكلفة المعيشة؟
الحرب الروسية الأوكرانية تُخفض نمو الاقتصاد العالمي
ما إن بدأ العالم في تخفيف الإجراءات الاحترازية التي فرضت خلال عام 2020 بعد تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19)، جاءت أزمة سلاسل الإمداد العالمية في عام 2021 كنتيجة لإنعاش الطلب وسط نقص المعروض. ما أدى إلى إرتفاع معدلات التضخم عالمياً والتي استمرت في الإرتفاع جراء إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في بداية عام 2022. ونتيجة لتلك الحرب قفزت أسعار البترول وأسعار الغذاء عالمياً. لذلك، أعلن صندوق النقد الدولي عن خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3.6% خلال عامي 2022 و2023 مقارنة بتوقعاته السابقة عند 4.4% في 2022 و 3.8% في 2023 . كما توقع الصندوق أن ينخفض نمو الاقتصاد العالمي بعد عام 2023 إلى 3.3%. وبذلك توقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي والأعوام القادمة مقارنة بعام 2021 والذي سجل نمو بلغ 6.1%.
وتهدد إمدادات الغاز إلى أوروبا
يمثل الغاز الروسي أكثر من 40% من إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا. ويعد الغاز بالنسبة لأوروبا بمثابة المصدر الأساسي لتوليد الطاقة اللازمة للتدفئة خلال فصل الشتاء (ديسمبر إلى فبراير)، حيث تشهد البلاد برد قارس. أما بالنسبة لروسيا، فقد أصبح الغاز يمثل سلاح للضغط على الحكومات الأوروبية بسبب موقفها الداعم لأوكرانيا ضد روسيا. طبقاً لورقة بحثية صادرة عن صندوق النقد الدولي في يوليو 2022، يمكن للمصادر البديلة أن تحل محل ما يصل إلى 70% من الغاز الروسي. ولكن مع هذا الافتراض سيظل هناك نقص خلال أشهر الشتاء حيث يكون الطلب الموسمي مرتفعً. كما أن التوقف الكامل لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا سينتج عنه نقص كبير في الغاز لا سيما في أوروبا الوسطى والشرقية، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا.
العمل عن بُعد في بلاد دافئة وأرخص ... سام يعمل في لندن من القاهرة (قصة حقيقية)
مع تفشي جائحة كورونا، ظهر مصطلح "التباعد الإجتماعي" كإجراء احترازي للحد من انتشار الفيروس. وبرزت مدى إمكانية وأهمية الاعتماد على التكنولوجيا في التواصل وإنجاز الكثير من الأمور "عن بعد" دون التقيد بمكانٍ محدد. ما قد يحفز الكثيرون للإنتقال بعيداً عن أوطانهم ومقر أعمالهم إلى أماكن أكثر ملائمة. وهو ما حدث منذ زمن بعيد مع "سام"، المدير السابق لمدرسة ابنتي.
سام هو رجل انجليزي كان يعمل كاتب مستقلاً بلندن، ما أتاح له فرصة العمل عن بُعد (أونلاين) من أي مكان بالعالم طالما كان هناك شبكة إتصالات (إنترنت) بسرعة مناسبة. هاجر سام بأسرته من لندن إلى القاهرة بحثاً عن مستوى معيشي جيد وبتكلفة أقل مما يتيح له قضاء المزيد من الوقت الجيد مع عائلته. لذلك وقع اختياره على مصر نظراً لإنخفاض تكلفة المعيشة بها مقارنةً بلندن، بالإضافة إلى ما تتميز به مصر من أمان ودفء، ووجود العديد من المعالم والمزارات التي سيستمتع بها مع زوجته وأطفاله. لم يكن ذلك عقب تفشي جائحة كورونا أو بسبب أزمة الطاقة في أوروبا، وإنما كان ذلك في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008. يبدو أن التاريخ يعيد نفسه.
الجدير بالذكر أن شركة أوراسكوم للتنمية أعلنت مؤخراً عن شعار "العمل من الجونة"، والذي تعمل من خلاله على جذب المصريين والأجانب للاستمتاع بتجربة العمل "عن بعد" من خلال تأجير وحدات إدارية مجهزة بمشروع الشركة بمدينة الجونة السياحية على البحر الأحمر، بمصر. وتأمل الشركة أن تنجح في استقطاب عدد من الأوروبيين للعمل عن بعد بالجونة خلال فصل الشتاء.
في الجدول أدناه، قمنا بترتيب 10 دول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا لبيان أيهما يعد الأكثر ملائمة كوجهة سياحية للعمل "عن بعد". حيث قمنا بترتيب الدول على أساس عدد السياح في 2019 (كمؤشر لجاذبية الدولة للسياح)، مؤشر الأمان، مؤشر تكلفة المعيشة، مؤشر الطقس، وسرعة الإنترنت، كالتالي:
أخيراً وليس آخراً، نتمنى ألا يكون هذا الشتاء مجرد موسم، وإنما إحتفال في العالم أجمع بإنتهاء الحرب الروسية الأوكرانية. كما نتمنى أيضاً أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الوجهة الأولى للسياحة العالمية وتستفيد من هذه الفرصة!
(إعداد: محمود جاد، محلل مالي بسوق المال وكاتب اقتصادي بزاوية عربي)
#مقالرأي
(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)