PHOTO
لم يتبقى في اجتماعات لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري خلال عام 2023 إلا اجتماع يوم الخميس القادم 21 ديسمبر.
وبالرغم من عدم صدور جدول اجتماعات عام 2024 حتى الآن، إلا أن ربط جدول اجتماعات مصر بجدول اجتماعات الفيدرالي الأمريكي يشير إلى أن الاجتماع الأول في عام 2024 سيكون في الأسبوع الأول من فبراير.
وما بين 21 ديسمبر وأول 7 أيام من فبراير، أكثر من 40 يوم يصعب تصور عدم اتخاذ المركزي المصري خلالها إجراء حاسم لوقف التدهور الحاد في وظيفة الجنيه المصري كمخزن للقيمة.
التضخم
لم تقدم لجنة السياسة النقدية المصرية على رفع سعر الفائدة إلا بمقدار 300 نقطة أساس خلال 2023 حتى تاريخه بالرغم من تسارع معدلات التضخم الأساسي إلى مستويات تخطت الـ 40% خلال العام أو اقتربت منها وانخفاض سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار في السوق الموازي إلى أدنى مستوياته تاريخيا.
ومن الضروري الإشارة إلى أن تسارع معدلات التضخم في مصر خلال 2023 حدث بالرغم من عدة نقاط:
انخفاض أسعار العديد من السلع عالميا
التدرج الشديد في تعديل أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي بالرغم من تفاقم الفجوة بين السعر المحلي والعالمي
الإبقاء على أسعار الكهرباء بدون تغيير لمدة عامين تقريبا
تطبيق عدد من المبادرات لتثبيت أسعار عدد من السلع الغذائية بالاتفاق مع كبار منتجي القطاع الخاص
الدين العام
ولكن أظهر تراكم الدين العام المحلي ما أخفاه التضخم.
فعلي سبيل المثال، صرح وزير البترول المصري خلال شهر نوفمبر الماضي أن فاتورة دعم السولار فقط تصل إلى ما يقارب الـ 80 مليار جنيه أو ما يعادل 2.6 مليار دولار، بحسب سعر الصرف الرسمي سنويا وهو أقل قليلا من 1% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر.
وبالتالي، لم يكن من المستغرب ارتفاع إجمالي رصيد الأذون والسندات والتسهيلات المقدمة من البنك المركزي بالجنيه المصري للحكومة المصرية إلى 5.8 تريليون جنيه في آخر أكتوبر 2023، مقابل 4.2 تريليون جنيه في آخر يونيو 2022.
ولكن مع لجوء الحكومة إلى تمويل العجز عن طريق الاقتراض من القطاع المصرفي المصري، يؤدي هذا الاقتراض في حد ذاته إلى تسارع التضخم بسبب 1) الزيادة في المعروض النقدي، 2) تفاقم توقعات التضخم مع ترقب المنتجين والمستهلكين اتجاه الدولة عاجلا أو آجلا إلى تقليص فاتورة الدعم بسبب تفاقم الدين العام و3) زيادة سرعة دوران النقود نظرا لتهافت المستهلك على الشراء وتهافت المنتج على التخزين.
أسعار الفائدة والتعويم القادم
بناء على ما سبق، فإن مصر لا تواجه تسارع في معدلات التضخم في الوقت الحالي فحسب بل تواجه خطر الآثار التضخمية المصاحبة لتقليص العجز في الموازنة العامة للدولة خلال الأسابيع القليلة القادمة مع اقتراب إبرام اتفاق معدل مع صندوق النقد الدولي يتوقع أن يضاعف من قيمة القرض البالغ حتى الآن 3 مليار دولار بأكثر من ثلاث مرات.
وهذا يتماشى مع حد كبير مع تصريحات مسؤولين من صندوق النقد الدولي مؤخرا والتي أوضحت بشكل صريح ومكرر أن محاور الإصلاح الاقتصادي في مصر لابد وأن يتضمن التشديد النقدي و التحول إلى نظام سعر صرف مرن، وهو ما يعني تعويم آخر.
وبسبب الضغوط التضخمية الواردة أعلاه ونظرا لما يبدو و كأنه رغبة من قبل الصندوق وكذلك مصر إلى إبرام اتفاق قرض معدل قد يصل إلى 10 مليار دولار، و إتمام المراجعة الأولى والثانية للصندوق - المتأخرتين لشهور- في الأمد القريب وهو ما يعني حدوث تعويم قبل ذلك.
وبالتالي سيكون من غير المنطقي تأجيل التشديد النقدي إلى فبراير 2024. ولذا نرجح قيام المركزي برفع الفائدة هذا الأسبوع أو على أقصى تقدير خلال اجتماع استثنائي في النصف الأول من يناير المقبل.
وبغض النظر عن فلسفة اختيار التوقيت المناسب للتشديد النقدي، فإن التشديد أمر لابد منه لمواجهة معدلات التضخم الحالية والمتوقعة.
أما عن حجم هذا التشديد، ففي رأيي أعتقد أنه لا يجب أن يقل عن 3%، مع وجود مبررات لرفع يصل إلى 5%، حتى يتباطأ معدل النمو في المعروض النقدي بصورة حادة ويتسنى للقطاع المصرفي إصدار شهادات ادخار مرتفعة العائد مع اقتراب استحقاق شهادة الـ 25% خلال أيام.
(إعداد: هاني جنينة، محلل اقتصادي ومحاضر بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة)
#مقالرأي
(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)