خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية
 

شهدت الأسواق المالية العالمية أيام غير مسبوقة هذا الأسبوع، وذلك في ظل تفاقم حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة، بالتوازي مع عودة المخاوف من حدوث ركود اقتصادي في أمريكا، ناهيك عن تقلب أسعار النفط، المحرك الرئيسي للعديد من الاقتصاديات العربية، مما أثر سلباً على معنويات السوق بشكل عام. 

والتالي ملخص بالأرقام والتشارتات يظهر حجم الهبوط على أساس تاريخي:

  •  تراجعت أسعار النفط في ظل الطلب المخيب للآمال على الوقود العالمي والذي تجاوز المخاوف الناجمة عن انقطاع الإمدادات في الشرق الأوسط. 

وانخفضت عقود خام برنت بأكثر من 10 دولارات للبرميل على أساس شهري، من 87 دولار للبرميل في 4 يوليو إلى حوالي 75 دولار للبرميل بين يومي 4 و5 أغسطس. 

وهذا قبل أن تعاود أسعار النفط ارتفاعها يوم 6 أغسطس بعد انخفاض حاد في مخزونات الخام الأمريكية، لتتعافى بذلك الأسعار من أدنى مستوياتها في عدة أشهر والتي لامستها في 5 أغسطس. 

 ومن المتوقع أن تواصل أسعار النفط تعافيها بوتيرة خجولة في الأيام المقبلة لاسيما في ظلّ التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط وتصعيد العمليات العسكرية الأوكرانية على الحدود الروسية، وإن قد يكبحها في المقابل تعزز المخاوف من تراجع الطلب العالمي نتيجة تباطؤ الاقتصاد في كل من الصين والولايات المتحدة، أكبر دولتين مستهلكتين للنفط في العالم.

 

  •  أرخت التوقعات الاقتصادية العالمية، التي شابتها المخاوف من الركود، بظلالها على معنويات المستثمرين في الأسواق العالمية. 

أدى ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة عن شهر يوليو إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات تقريباً إلى جانب التباطؤ الكبير في نمو الوظائف، إلى تأجيج المخاوف بشأن صحة الاقتصاد الأمريكي وإثارة المخاوف مجددا من حدوث ركود اقتصادي.

وهذا عزز عمليات البيع الجماعية في الأسواق العالمية بدءاً من الأسبوع المنتهي في 2 أغسطس. 

واستمرت الأسهم العالمية في الهبوط بشكل كبير لتهوى الأسهم الأمريكية والأوروبية والآسيوية يوم الاثنين 5 أغسطس إلى أدنى مستوياتها في نحو 6 أشهر وسط عمليات بيع عالمية، عُرف بيوم الاثنين الأسود. 

وهذا قبل أن تعاود تعافيها بدءاً من يوم الثلاثاء 6 أغسطس ليطغى اللون الأخضر من جديد على شاشات البورصات العالمية، واستمر هذا التحسن حتى يوم الأربعاء 7 أغسطس لاسيما في الأسواق الأوروبية والآسيوية، وإن بوتيرة أضعف. 

 ومن المتوقع أن يسود الحذر والترقب في أوساط المتداولين وأن تحافظ المؤشرات الرئيسية خلال الأيام القادمة على استقرار حذر دون تغييرات تُذكر، على أن تستمر خلال الأسبوع الممتد من 11 إلى 16 أغسطس.

انخفضت الأسهم العالمية بشكل حاد يوم الجمعة 2 أغسطس، وتحديداً أسهم شركات التكنولوجيا.

أثار تقرير الوظائف في الولايات المتحدة المخاوف مجدداً في الأسواق التي شهدت تحديثات متشائمة لأرباح الشركات، مثل أمازون وإنتل. 

هبطت أسهم  أمازون بنسبة 14% ما بين يوم الخميس 1 أغسطس ويوم الأربعاء 7 أغسطس. 

وهذا بعد أن أعلنت الشركة عن تباطؤ نمو المبيعات عبر الإنترنت في الربع الثاني من العام، رغم بعض التعافي المسجل يوم الأربعاء 7 أغسطس. 

كما انخفضت أسهم إنتل بنسبة 23% يوم الخميس 1 أغسطس خلال نفس الفترة بعد تقديرات أقل من المتوقع لإيرادات الربع الثالث بالتوازي مع تعليق عملية توزيع أرباحها، بدءاً من الربع الرابع، لتسود المراوحة على أداء السهم بين يوم الجمعة 2 أغسطس والأربعاء 7 أغسطس، دون أي تغييرات تُذكر.

تراجع مؤشر ناسداك 100 الذي يعتمد على التكنولوجيا بنسبة 8% بين يومي الخميس 1 أغسطس والاثنين 5 أغسطس، ليدخل في خانة المراوحة بين يومي الثلاثاء 6 أغسطس والأربعاء 7 أغسطس. 

سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انخفاض بنسبة 6% بين يومي الخميس 1 أغسطس والاثنين 5 أغسطس. وهذا كان حال معظم المؤشرات الأمريكية الرئيسية التي من المتوقع أن تستمر في هذا النمط الحذر خلال الأيام المقبلة. 

شهدت أسواق آسيا والمحيط الهادئ بدورها عمليات بيع جماعية بدءاً من يوم الجمعة 2 أغسطس.

انكمش مؤشر MSCI AC Asia Pacific بنسبة 3% يوم الجمعة 2 أغسطس. 

انخفضت أسعار الأسهم في طوكيو منذ رفع بنك اليابان سعر الفائدة القياسي يوم الأربعاء 31 يوليو.

انخفض كل من مؤشر نيكي 225 ومؤشر توبكس يوم الاثنين 5 أغسطس بأكثر من 25% من أعلى مستوياتهما على الإطلاق في 11 يوليو. 

غير أن الأسواق الآسيوية، وتحديداً اليابانية، شهدت تحسن ملموس بين يومي الثلاثاء 6 أغسطس والخميس 8 أغسطس. وهذا في أعقاب تصريحات بنك اليابان المركزي بشأن عدم رفع أسعار الفائدة للحفاظ على التيسير النقدي.

إلا أن اتجاه المستثمرين خلال التعاملات الآسيوية من المتوقع أن يبقى متوتر وحذر نسبياً خلال الأيام القادمة بعد سلسلة من الإشارات الضعيفة بشأن الاقتصاد الصيني وتحديداً القطاع الصناعي.

 

  • جاء أداء أسواق الأسهم العربية متماشياً مع الأسواق العالمية، حيث سجلت المؤشرات الإقليمية انخفاضات واسعة النطاق.

شهد الرابع من أغسطس عمليات بيع واسعة النطاق حيث تفاعل المستثمرون مع تصاعد وتيرة التوترات الجيوسياسية في المنطقة ناهيك عن المؤشرات الاقتصادية المقلقة من جميع أنحاء العالم. 

طغى اللون الأحمر على إغلاقات أسواق الأسهم العربية يوم الاثنين 5 أغسطس حيث سجلت 14 سوق من أصل 15 سوق عربي تراجعت في مؤشرات أسعارها يوم الأحد 4 أغسطس. وبالتالي سجل مؤشر S&P Pan Arab Composite المصمّم لتتبع أداء 11 سوق للأسهم، تراجع يومي بنسبة 2.0%.

انكمش مؤشر MSCI GCC بنسبة 1.9%. غير أن الأسواق العربية قد عادت وشهدت بعض التعافي بين يومي 6 و7 أغسطس، بدعم من السوق السعودية والأسواق الإماراتية، ليسجل S&P العربي المركب ارتفاع بنسبة 1.3% يوم 6 أغسطس وبنسبة 0.6% يوم 7 أغسطس.

ومن المتوقع أن تحافظ الأسواق العربية على تعافيها خلال الأسبوع المنتهي في 9 أغسطس، إذ من الواضح بأن الهدوء قد عاد نسبياً إلى الأسواق العربية. ومن المتوقع أن يستمر خلال الأسبوع الممتد من 11 إلى 16 أغسطس بعد القلق الذي شهدته بين يومي 4 و5 أغسطس.

انخفض مؤشر سوق تداول السعودية بنسبة 2.4% و2.1% بين يومي 4 و5 أغسطس، في أكبر خسائر يومية منذ نهاية يناير 2024، قبل أن يعاود ارتفاعه يومي 6  و7 أغسطس بنسبة 1.5% و0.4% على التوالي. 

جاءت بورصة الكويت في المرتبة الثانية بانخفاض نسبته 2.0% في كل من يومي 4 أغسطس و5 أغسطس، في أكبر خسائر يومية لها في 3 أشهر ونصف. حيث هبط المؤشر إلى ما دون مستويات 7,700 نقطة لأول مرة منذ حوالي شهرين، قبل أن تسجل ارتفاع في مؤشرها بنسبة 1.0% و0.9% بين يومي 6 و7 أغسطس. 

سجل مؤشر بورصة قطر أكبر خسارة يومية الأحد 4 أغسطس في أسبوعين وذلك بنسبة 0.7% قبل أن يشهد مراوحة بين يومي 5 و7 أغسطس. 

هبطت مؤشرات أسواق الأسهم الإماراتية بشكل كبير يوم الاثنين 5 أغسطس. حيث أغلق كلّ من مؤشر سوق دبي المالي ومؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية على تراجع بنسبة 4.5% و4.2% على التوالي، لتعاود المؤشرات الإماراتية تعافيها بين 6 و7 أغسطس بارتفاعات تراوحت بين 1.5% و2.3%. 

تكبدت البورصة المصرية خسائر بنحو 53 مليار جنيه مع بداية تعاملات يوم الاثنين 5 أغسطس، ليغلق مؤشرها الرئيسي EGX30 على انخفاض نسبته 2.3%، قبل أن ينتعش من جديد ويسجل ارتفاع بنسبة 1.3% و1.5% بين 6 و7 أغسطس. 

ومن المتوقع أن يستمر هذا التعافي في الأسواق العربية حتى نهاية الأسبوع الممتد بين 4 و9 أغسطس.

 

  • شهدت أصول المخاطر تراجع ملحوظ منذ الأسبوع المنتهي في 2 أغسطس واستمرت في الهبوط الحر في وقت مبكر من الأسبوع الممتد بين 5 و9 أغسطس. وجاء ذلك على خلفية عمليات البيع التي تعد جزء من حالة الهروب من المخاطرة على نطاق واسع في الأسواق العالمية لاسيما في أعقاب ثاني خفض لأسعار الفائدة في الصين والذي أثار المخاوف من عدم الاستقرار في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وعلى هذا النحو انهارت العملة المشفرة الأكبر من حيث القيمة السوقية بيتكوين، بأكثر من 18% إلى ما دون 50 ألف دولار يوم الاثنين 5 أغسطس في أقل من 24 ساعة، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ فبراير 2024. 

وخسرت البيتكوين أكثر من 17 ألف دولار منذ يوم الاثنين 29 يوليو، وهو أسوأ أداء أسبوعي لها في تاريخها، قبل أن تعاود ارتفاعها بدءاً من يوم الاثنين 5 أغسطس إلى حدود 58 ألف دولار يوم الخميس 8 أغسطس.

 

(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا