الرياض، المملكة العربية السعودية: دعا قادة القطاع المالي في المملكة العربية السعودية إلى تعزيز الإصلاحات في مهنة المحاسبة، بهدف تحسين جوانب الإشراف على عمليات المراجعة والتدقيق، والقيادة المسؤولة، وتنمية القوى العاملة. وعلى هامش ندوة استضافها معهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الأكاديمية المالية بالرياض الأسبوع الماضي، ناقشت الجهات التنظيمية وخبراء الصناعة والأكاديميون الدور المتنامي لمهنة المحاسبة في الحفاظ على ثقة المستثمرين ودعم الشفافية المالية – وهي ركائز رئيسية لتحقيق طموحات رؤية 2030.

ونظراً لأن ثقة المستثمرين والشفافية المالية أمران أساسيان لأهداف التنويع في المملكة العربية السعودية، ركزت المناقشة على أهمية تطوير معايير المحاسبة والأطر الأخلاقية، والتكيف التكنولوجي لضمان مواكبة المهنة للتطورات المتسارعة في المملكة.

وقالت هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW: "إن المرحلة الانتقالية التي تمر بها السعودية نحو اقتصاد قائم على المعرفة تعتمد على الثقة في إعداد التقارير المالية. وتعتبر الممارسات الشفافة والمسؤولة للمحاسبة ركيزة ضرورية لجذب الاستثمارات، وضمان المرونة الاقتصادية على المدى البعيد. ويحافظ معهد المحاسبين القانونيين ICAEW على التزامه بتزويد المحاسبين في المملكة بالمهارات وأنظمة الحوكمة اللازمة لدعم طموحات رؤية 2030".

تعزيز الإشراف وبناء الثقة بين المدقق والمستثمر

مع تطور المشهد التنظيمي في المملكة العربية السعودية، يظل الإشراف على عمليات المراجعة والتدقيق أولوية هامة للحفاظ على نزاهة السوق. وأوضح سامي بن محمد الشرفاء، وكيل الإشراف في هيئة السوق المالية، أن هناك حاجة إلى تحسين جوانب التنسيق بين المراجعين والمستثمرين.

وأشار الشرفاء إلى الإصلاحات التي أطلقتها هيئة السوق المالية في عام 2016 فيما يتعلّق بعمليات الإشراف، والتي أدت إلى تحسينات ملحوظة في تنظيم المراجعة والتدقيق. ويوجد الآن 16 شركة مراجعة مسجلة، مع 50 شريك مراجعة مسجل تحت إشراف هيئة السوق المالية، مما يعزز متابعة جودة المراجعة والرسوم والامتثال. كما أكد أن الشركات التي لديها فرق متخصصة تقدم باستمرار جودة مراجعة متفوقة، مشيراً إلى قيمة مراجعات الشركاء المتخصصين في الحفاظ على دقة التدقيق المالي.

الارتقاء بالمعايير الأخلاقية بما يتخطى الامتثال

اتفق المشاركون على أن شركات المحاسبة يجب أن تتحرك إلى ما هو أبعد من الامتثال التنظيمي، وأن تدمج القيادة المسؤولة بصورة فعالة في ثقافتها المؤسسية. وأوضح محمد طه، شريك في شركة KPMG للخدمات المهنية، أن هناك فجوة بين السياسات الأخلاقية وتطبيقاتها الفعلية في عالم الأعمال، وقال: "تبدأ القيادة المسؤولة بالأفراد الذين يتحلّون بالأخلاق المهنية، ويملكون القدرة على كشف الممارسات غير الأخلاقية. يجب على القادة إرساء ثقافة مؤسسية مناسبة تعطي الأولوية للمصلحة العامة واحتياجات المستثمرين".

من جانبه، بيّن البروفيسور محمد نور النبي، المدير المؤسس لمركز الاستدامة والمناخ في جامعة الأمير سلطان بالمملكة العربية السعودية، والذي ساهم في أن تصبح أول جامعة معتمدة خالية من الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مدى الافتقار إلى الشفافية في الحوكمة الأخلاقية للشركات، قائلاً: "أظهرت دراساتنا البحثية أن عدداً قليلاً جداً من الشركات تكشف بوضوح عن مبادئها الأخلاقية عبر مواقعها على الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يجب على الشركات أن تجعل القيم الأخلاقية جزءاً لا يتجزأ من عملياتها المؤسسية، بدلاً من التعامل معها كافتراضات ضمنية غير مُعلنة. وبينما تتوفر إرشادات المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة لدول مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية أيضاً، إلا أن تطبيق معايير ISSB، ما يزال بحاجة لمزيد من الوقت، حيث يتطلب الأمر مزيداً من النضج في السوق فيما يتعلق بالاستدامة".

إعداد القوى العاملة للتحول التكنولوجي

في ظل التأثيرات الكبيرة للتكنولوجيا على البيئة المالية، يجب أن تتطور مهنة المحاسبة لمواكبة الذكاء الاصطناعي، ومعايير الاستدامة، والتكنولوجيا المالية. وحذر فهيم إيجاز، مدير أول في ديلويت، من ضرورة تحديث مناهج تعليم المحاسبة لمواكبة المتطلبات المستقبلية. وقال: "لمعالجة نقص المهارات وتحقيق مستهدفات 2030، يجب علينا تحديث المناهج، والتعاون مع شركاء الصناعة، والتركيز على التطوير المهني المستمر، خاصة في مجالات التكنولوجيا، والاستدامة، والقطاعات الناشئة".

وتطرق النقاش أيضاً إلى التوقعات المتزايدة للمهنيين الأصغر سناً، والذين يسعون لمزيد من المرونة في حياتهم العملية مع الحفاظ على الدقة المهنية. وسلط عدنان زكريا، العضو المنتدب لشركة "بروتيفيتي" الشرق الأوسط ومدير الحوار في الجلسة، الضوء على أهمية التعاون بين الجهات التنظيمية والصناعة والأوساط الأكاديمية، قائلاً: "يتطلب بناء الثقة في مهنة المحاسبة نهجاً شاملاً متعدد الأوجه، يشمل التنظيم والتعليم والقيادة الأخلاقية، والتكيف التكنولوجي. والعامل الرئيسي الذي يربط بين هذه العناصر هو الشراكة بين جميع الأطراف المعنية لتعزيز الأهداف الاقتصادية للمملكة العربية السعودية".

ولضمان بقاء مهنة المحاسبة ركيزة للثقة الاقتصادية، أكد المشاركون على أهمية تعزيز جودة المراجعة، وتحديث التعليم المحاسبي، ودمج الحوكمة الأخلاقية في استراتيجيات الأعمال. ومن خلال اتخاذ هذه الخطوات، يمكن للمملكة العربية السعودية تعزيز ثقة المستثمرين، وجذب الاستثمارات العالمية، ووضع قطاعها المالي كنموذج للنزاهة والابتكار.

نبذة عن معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW

يُعرف عن المحاسبين القانونيين أنهم مهنيون موهوبون يتمتعون بمستوى عالٍ من الالتزام وأخلاقيات العمل. ويمثل معهد المحاسبين القانونيين ICAEW أكثر من 208,000 عضو ومتدرّب حول العالم.

ويفخر معهد المحاسبين القانونيين ICAEW بتاريخه العريق والحافل في خدمة المصلحة العامة منذ تأسيسه في العام 1880، ويستمر في العمل عن كثب مع الحكومات والهيئات التنظيمية وقادة الأعمال في شتى أنحاء العالم. وبصفتنا جهة تنظيمية رائدة عالمياً لتحسين المهنة، فإننا نشرف على أكثر من 12,000 شركة، وندعمها وجميع الأعضاء والمتدربين في معهد ICAEW وفقاً لأعلى معايير الكفاءة والسلوك المهني.

نحن ندعم جوانب الشمولية والتنوع والإنصاف، ونحرص على تزويد الكفاءات والمواهب بالمهارات والقيم التي يحتاجونها لبناء الأعمال والاقتصادات والمجتمعات لتكون مرنة، وفي الوقت نفسه ضمان أن موارد كوكبنا تُدار بصورة مستدامة ومسؤولة.

ويعتبر معهد المحاسبين القانونيين ICAEW أول هيئة مهنية رئيسية تصبح محايدة للكربون، مما يدل على التزامنا بمعالجة تغير المناخ، ودعم الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

ويعد معهد المحاسبين القانونيين ICAEW عضواً مؤسساً لشبكة "تشارترد أكاونتانتس وورلدوايد" (CAW) – وهي عائلة عالمية تجمع ما يزيد عن 1.8 مليون محاسب قانوني ومتدرّب في أكثر من 190 دولة. ومعاً، نقوم بدعم وتطوير والترويج لدور المحاسبين القانونيين كقادة أعمال موثوقين، ومؤثرين، ومستشارين.

إننا نؤمن بقوة المحاسبة القانونية وقدرتها على إحداث تغيير إيجابي، ومن خلال مشاركة معارفنا وخبراتنا وآرائنا، يمكننا أن نساهم في بناء اقتصادات قوية، ومستقبل ناجح ومستدام للجميع.

-انتهى-

#بياناتشركات