21 08 2016

شداد نجح في البحرين.. والعتيبي صدح بالحقيقة المرة

في وقت أبدى السعوديون ابتهاجهم بحصول البحرين الشقيقة على ميداليتين ذهبية وفضية في منافسات ألعاب القوى ضمن "أولمبياد ريو دي جانيرو"، يطرح الشارع الرياضي العديد من التساؤلات عن سبب نجاح العداء السعودي السابق سعد شداد الأسمري مدربا خارج الوطن وعن سر عدم الاستعانة بمثل هذا الاسم اللامع وكذلك زميله هادي صوعان الذي كان حاضراً في "ريو 2016" عبر الشاشات محللا لإحدى القنوات الناقلة.

استطاع شداد قيادة منتخب البحرين لتحقيق ذهبية سباق ثلاثة آلاف متر موانع عبر العداءة روث جيبيت، وهو الذي حقق لبلاده أول ميدالية عالمية في برونزية سباق ثلاثة آلاف متر موانع في بطولة العالم 1995 في السويد وكان حاضراً في أولمبياد أتلانتا 1996 وكان التساؤل الأبرز على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية عن سبب مغادرة الكفاءات السعودية والأبطال وعدم البقاء والعمل على تطوير اللعبة وإبراز نجوم يخلفونهم ويعززون قدرة الألعاب السعودية على المنافسة، واستدامة إنتاج الأبطال، ويحق لنا أن نبحث عن العوامل التي مكنت العداء العالمي السابق من النجاح مدربا في البحرين وعدم نجاحه وحصوله على الفرصة الكاملة في بلاده، وما هي عوامل النجاح التي وفرتها البحرين لشداد ولم تتوفر لديه في المملكة.

مؤلم أن نشاهد كفاءة بحجم شداد وصوعان وغيرهما من الأسماء السعودية وهي تتسابق على الحصول على الفرص خارج المملكة وتحقق النجاحات في وقت نبحث عن منجزات من دون تجهيز مقومات العمل الاحترافي من البحث عن المواهب وتبنيها وإعدادها وتفريغها ودعمها بالميزانيات والمعسكرات. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد وضع العداء المخضرم مخلد العتيبي الأصبع على الجرح وهو يغادر الأولمبياد من دون أن يحقق نتيجة إيجابية في المضمار، قبل أن يقدم الوصفة الحقيقية لعلاج الواقع المتردي للرياضة السعودية ككل، وليس لـ"أم الألعاب" وحدها، فالمنافسة في الأولمبياد - كما يؤكد العتيبي- هي مشروع دولة يحتاج لتخطيط وتنظيم ومتابعة دائمة وتوظيف لأفضل الكوادر وفق الإمكانات المتاحة.

على «الأولمبية» إيضاح الحقائق.. والتجديد وإبعاد المستهلكين مطلب

نجح شداد وصوعان كعدائين عندما كان التفوق مقروناً بالموهبة أكثر من أي عامل آخر، وقبل أن تتحول كل الألعاب إلى صناعة تبدأ من المدرسة والجامعة وإلى استثمار لجهات وعلامات تجارية كبرى تتسابق على رعاية ودعم المواهب كجزء من واجباتها ومسؤولياتها الاجتماعية، وهذا ما يحدث في جل الدول المتفوقة رياضياً.

الحاجة للمكاشفة

بعد الإخفاق الأخير، لا بد للجنة الأولمبية السعودية من الظهور عبر مؤتمر صحافي تكشف فيه حسابات الاتحادات الرياضية كافة، وتبين للشارع الرياضي ماذا قدمت خلال الفترة الماضية وما هي خططها المستقبلية، وعلى أية أساس يظهر مسؤولوها بين الحين والآخر ويقدمون الوعود بتحقيق منجزات كبيرة وأرقام قياسية مثل تحقيق 100 ميدالية أولمبية في "الأسياد"، وما هي المشاريع التي ستطبق على الأرض لاكتشاف الأبطال ودعمهم، والخطط الواضحة والملموسة للتعاون مع وزارة التعليم؟ بعيداً عن البرامج الوهمية التي أنهكت الميزانيات وجعلت المتابعين في مهمة مطاردة سراب المنجزات، إذ ان خطوة كهذه ستكون محل تقدير الرياضيين.

أصبح تجديد العناصر التي تقود الاتحادات الرياضية مطلباً ملحاً، إذ عانت اتحادات الألعاب المختلفة من هيمنة بعض الأسماء المستهلكة بشكل كبير ومنذ أعوام عدة على المشهد، في وقت لا يمكن الحديث عن تطوير وتصحيح ومعالجة الأخطاء والخلل في تركيبة هذه الاتحادات وعملها من دون الاستعانة بالكوادر الفنية المتخصصة من لاعبين سابقين ومدربين ودمجها مع أسماء ذات قدرات إدارية مميزة، فضلاً عن استقطاب رجال الأعمال وخصوصاً الرياديين الشباب المهتمين ببعض الألعاب والذين سيساهمون بشكل كبير في تعزيز المداخيل، ويساهمون في تحويل هذه الاتحادات إلى منظمات قادرة على إيجاد الحلول المالية وعدم الاعتماد بشكل كبير على الميزانيات الضعيفة أصلاً، وهذا ما يجب أن يتم في الدورة الجديدة لاتحادات الألعاب المختلفة التي عانت من تواجد أسماء في الدورتين الماضيتين لا تمت للألعاب بأي صلة، وهنا لا يمكن إنكار تواجد بعض الأعضاء الفاعلين في اتحادات محدودة.

أخيراً، لا بد من التعامل بشفافية مع الإخفاقات المتتالية لألعابنا، ومصارحة الشارع الرياضي عبر توضيح ما قدمته اللجنة الأولمبية في الفترة الماضية، وخططها في الأعوام الأربعة المقبلة، ومن حق الشارع الرياضي أيضاً أن يعرف الأسباب التي أدت إلى تسرب بعض الكفاءات السعودية إلى الخارج، والآلية التي تسير عليها اللجنة في صناعة الأبطال، فالأمر يتعلق بسمعة بلد لا تنقصها الإمكانات المتعلقة بالأمور المالية والدعم اللوجيستي من منشآت ومرافق، وتتمتع بمخزون بشري كبير، لكن عدم وضوح الخطط والفوضى التي كانت تسير بها الأمور أدت إلى معاناتنا من توالي الخيبات على مرأى العالم، وهو الذي يرفضه السعوديون كافة.

© صحيفة الرياض 2016