PHOTO
خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية
شهد العقد الماضي تسارع حاد في وتيرة التغير المناخي، لاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وذوبان الأنهار الجليدية، وارتفاع مستويات سطح البحر، مما شكل حقيقة صارخة أرخت بثقلها على المجتمعات في جميع أنحاء العالم.
عليه، وللتخفيف من هذه الآثار المدمرة، بات من الضروري العمل على الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.
وقد بلغ إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية من الوقود الأحفوري حوالي 37.2 مليار طن متري في 2022، ومن المقدر أن تكون قد ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 37.6 مليار طن متري في 2023، مع الإشارة إلى أن الانبعاثات العالمية زادت بأكثر من 60% منذ 1990.
وفي ظل هذا السياق، ظهرت إلى الواجهة "أسواق الكربون" كأداة رئيسية في مكافحة الاحتباس الحراري، ولتحظى مؤخراً بقدر كبير من الاهتمام العالمي.
ونستعرض في هذا التقرير خلفية سوق الكربون وأهم مصطلحاته باللغة العربية، بالإضافة إلى أهم التطورات على صعيد أسواق الكربون لاسيما في المنطقة العربية.
ما هي أسواق الكربون؟
إن أسواق الكربون، أو المكان الذي تستطيع فيه المنظمات أو الأفراد ولو بشكل محدود تداول أدوات مختلفة تتعلق بانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، تقدم حلول من خلال إنشاء آلية قائمة على السوق تحفز الشركات والأفراد على تبني ممارسات أكثر استدامة، والاستثمار في التقنيات النظيفة.
وهناك سوقان منفصلتان للاختيار من بينهما لتداول الكربون.
السوق الأولى: هي سوق الامتثال، يتم تحديدها من خلال قوانين “cap and trade” أو "الحد الأقصى والتداول" على مستوى محلي أو إقليمي. وعادة ما يتم تداول في هذا السوق ما يعرف بـ“carbon credit” أو رصيد كربوني وهو بمثابة إذن بالانبعاثات تحصل عليه شركة من هيئة رسمية أو حكومية تسمح لها بموجبه على إذن لتوليد طن واحد من ثاني أكسيد الكربون وعندما لا تحتاج الشركة لاستخدام هذه الأرصدة لعدم احتياجها لتوليد انبعاثات تستطيع بيعها لشركات أخرى تحتاج أن تولد انبعاثات أكثر من الحد المسموح به.
السوق الثانية: هي سوق الكربون الطوعية (VCM) حيث تشتري الشركات شهادات أرصدة الكربون السابق تعريفها أو شهادات خفض انبعاثات الكربون أوcarbon offsets بمحض إرادتها.
وشهادات خفض الانبعاثات التي تسمى بتعويضات الكربون أو“carbon offsets” تُمنح للشركات حين تعمل أو تساعد بشكل مباشر أو غير مباشر في تقليل الانبعاثات.
مع العلم أن طن الكربون، الذي يستخدم كمقياس في كلا السوقين، لا يعني طن فعلي من الكربون ولكن أي حجم من الكربون موجود في الطن الواحد.
وقد يتم تداول شهادات تعويضات الكربون في سوق الامتثال ولو أنه أمر نادر ولكن يتم تداول شهادتي الأرصدة الكربونية وتعويضات الكربون بشكل شبه متساوي في السوق الطوعية.
ويصعب على الأفراد في الوقت الحالي، ما لم يمثلوا شركة، شراء أرصدة أو تعويضات الكربون مباشرة من الشركات المُصدرة. ولكن يستطيعون اللجوء إلى واحدة من الشركات التي تعمل كوسيط والتي تقدم بعض المزايا منها آلية للتحقق من الشهادة.
خلفية تاريخية: متى ظهر سوق الكربون؟
أول مشروع كربوني
تعود أصول استثمار الشركات الخاصة في مشاريع الكربون بهدف تعويض انبعاثاتها إلى ثمانينيات القرن العشرين.
ومن المتداول أن أول مشروع للكربون برز في العام 1988، عندما نصح معهد الموارد العالمية أو World Resource Institute (WRI)* شركة Applied Energy Services أو "أبلايد إنيرجي سيرفيسز" الأمريكية التي تعمل في مجال المرافق وتوليد الطاقة، بزراعة الأشجار وإبطاء عملية إزالة الغابات في غواتيمالا وذلك لتعويض انبعاثات مصنعها الذي يعمل على الفحم في أمريكا.
*معهد الموارد العالمية (WRI) هو منظمة بحثية عالمية غير ربحية تأسست في العام 1982. وهي تغطي أكثر من 50 دولة حول العالم ولها مكاتب في البرازيل والصين وإثيوبيا والهند وإندونيسيا والمكسيك والولايات المتحدة. تتمثل مهمة المنظمة في تعزيز الاستدامة البيئية، والفرص الاقتصادية، وصحة الإنسان. وتقدم خدمات تتعلق بقضايا تغير المناخ العالمية، والأسواق المستدامة، وحماية النظام الإيكولوجي، وخدمات الحوكمة المسؤولة البيئية.
وفي نفس الوقت تقريباً، أصبح المجتمع الدولي على وعي متزايد بالتهديدات التي تواجه المناخ بشكل عام، الأمر الذي أدى إلى التوصل إلى أول اتفاق للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وخفضها بموجب بروتوكول "كيوتو". والبروتوكول يعد معاهدة دولية ولدت في العام 1997، وتم التصديق عليها في العام 2005، وكانت الأولى من نوعها التي تهدف إلى مكافحة التغير المناخي.
وقد أُدخلت عليها آليات الامتثال مثل آلية التنمية النظيفة والتنفيذ المشترك، والتي سمحت للدول المتقدمة بالاستثمار في مشاريع خفض الانبعاثات في الدول النامية لتعويض انبعاثاتها، لتصبح فكرة تعويض الكربون ضمن جدول أعمال الدول.
في موازاة ذلك، بدأ الطلب على تعويضات الكربون يزداد بشكل كبير، وهو ما يُعزى إلى الالتزامات من جانب الشركات الكبرى مثل مايكروسوفت ووالت ديزني - من بين العديد من الشركات - لتحقيق الحياد الكربوني.
وقامت الأمم المتحدة في العام 2008 بإنشاء برنامج الأمم المتحدة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها.
وفي العام 2011، صدرت أولى شهادات الكربون الخاصة المعروفة بـREDD ، والتي تعني Reducing Emissions from Deforestation and Forest Degradation in Developing Countries أو "الحد من الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في الدول النامية".
وهذا جاء بهدف التقليل من إزالة الغابات من خلال الحفظ والإدارة المستدامة للغابات ودعم البلدان النامية في هذا الأمر.
أول "كوب"
انعقد أول "كوب" أو المؤتمر الأول للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي في برلين بألمانيا في الفترة من 28 مارس إلى 7 أبريل من العام 1995، إلا أن اتفاق باريس أو كوب 21 الذي انعقد في ديسمبر 2015 يعد أول اتفاق دولي حقيقي بشأن المناخ.
إذ برز إنجاز كبير على هذا الصعيد عندما وقعت 196 دولة على اتفاقية باريس في العام 2015 خلال المؤتمر.
وأدى ذلك إلى أهداف جديدة وأقوى لخفض الانبعاثات حلت مكان بروتوكول كيوتو، حيث اتفقت الدول على هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى فوق 1.5 درجة مئوية.
ومن أهم ما صدر عن اتفاق باريس، وضع المادة 6، بغرض مساعدة الأطراف على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وهي متعلقة بأسواق الكربون والتي نشأت فكرتها في كيوتو في العام 1997.
وتتضمن المادة 6 العديد من الفقرات المهمة المختصة بتنظيم أسواق الكربون، من أهمها:
الفقرة رقم (2) التي تسمح وتضع أسس للدول الموقعة على اتفاقية الأطراف الخاصة بالمناخ والتابعة للأمم المتحدة والتي ينطلق تحت مظلتها مؤتمرات كوب كل عام، بتداول شهادات خفض الكربون فيما بينها.
الفقرة رقم (4) التي تتضمن تداول شهادات خفض الكربون تحت إشراف اتفاقية الأطراف.
الفقرة رقم (8) التي تتضمن تطبيق الضرائب على الانبعاثات، ما يحفز الشركات والمؤسسات على خفض الانبعاثات.
ومنذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استمرت سوق الكربون الطوعية في النمو والتطور، مع التركيز بشكل أكبر على جودة المشروعات وقياس التأثير والشفافية.
وقد وافقت أكثر من 2,000 شركة على أهداف خفض الانبعاثات المعتمدة من مبادرة الأهداف القائمة على العلوم أو (SBTi) Science Based Targets Initiative * منذ إطلاق المبادرة عام 2015 إلى وقتنا الحالي.
*مبادرة الأهداف القائمة على العلوم هي تحت رعاية الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى منها المركز العالمي المشترك للمعلومات البيئية التابع للصندوق العالمي للطبيعة، ومعهد الموارد العالمية.
وتوفر مبادرة الأهداف القائمة على العلوم (SBTi) موارد محددة وتوجيهات عملية في قطاعات مختلفة، ومساعدة الشركات على تحديد أهداف تخفيض الانبعاثات، التي تتماشى مع تقرير تقييم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة أو Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC) * بحيث تمكنهم من معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري مع جني الفوائد وتعزيز قدراتهم التنافسية في التحول إلى اقتصاد خالٍ من الكربون.
* تأسست الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في العام 1988 ومقرها جنيف، لتقديم تقديرات شاملة لحالة الفهم العلمي والفني والاجتماعي والاقتصادي لتغير المناخ وأسبابه وتأثيراته المحتملة واستراتيجيات التصدي لهذا التغير.
ما هو حجم سوق الامتثال الكربوني؟
على صعيد سوق الامتثال، يوجد حوالي 30 سوق حول العالم.
يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر نظام تداول انبعاثات في العالم، حيث أطلق أول نظام تداول انبعاثات (ETS) خاص به في العام 2005.
وفي الفترة الممتدة بين 2018-2022، ارتفعت العقود الآجلة لتداول الكربون في الاتحاد الأوروبي بأكثر من 1400%، فيما ارتفعت بنسبة 270% في الفترة بين 2020 و2022 وحدها.
وحالياً، هناك ثلاثة أنظمة تداول انبعاثات رئيسية حول العالم: نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي (EU)، وقانون حلول الاحتباس الحراري العالمي في كاليفورنيا (الولايات المتحدة الأمريكية)، ونظام تداول الانبعاثات الوطني في الصين.
في العام 2023، وصلت قيمة سوق الامتثال الكربوني حول العالم إلى مستوى قياسي بلغ 881 مليار يورو (أو 971 مليار دولار)، لتستحوذ أرصدة الكربون على غالبيتها، بزيادة سنوية نسبتها حوالي 2%، من 865 مليار يورو في العام 2022، بعد ارتفاع سنوي بنسبة 13.5% في العام 2022، في حين كانت قد زادت بشكل ملحوظ بنسبة 164% في العام 2021، مقارنة بالعام 2020.
وتصدر نظام تداول الانبعاثات التابع للاتحاد الأوروبي (EU ETS) السوق الأكثر قيمة في العالم خلال سنة 2023، بحصة بلغت 87.4% من حجم سوق الامتثال العالمية، وذلك بقيمة 770 مليار يورو، وزيادة سنوية قدرها 2%.
في حين استحوذ نظام تداول الانبعاثات في المملكة المتحدة البريطانية، الذي تم إطلاقه في العام 2021، على ثاني أكبر حصة من القيمة العالمية في العام 2023، بنسبة 4.1%، أو ما يعادل 36.4 مليار يورو، بعد انخفاض سنوي نسبته 22%.
وبالتوازي مع ذلك، بلغت قيمة أسواق أمريكا الشمالية مجتمعة 71.4 مليار يورو أو 8.1% من حجم سوق الامتثال العالمية، في حين بلغت قيمة السوق الصينية حوالي 2.3 مليار يورو، حوالي 0.3% من السوق.
ماذا عن أسواق الكربون الطوعية؟
أما بالنسبة لأسواق الكربون الطوعية، فلا أحد يتتبع عدد هذه الأسواق حول العالم.
ولكن بالنسبة للحجم، فقد انكمش حجم سوق الكربون الطوعية العالمية بنسبة 62% في العام 2023، لتصل القيمة الإجمالية للأسواق الطوعية إلى حدود 723 مليون دولار، مقارنة بـحوالي 1.9 مليار دولار في العام 2022، في انكماش لأسواق الكربون الطوعية للعام الثاني على التوالي، بعد ذروة بلغت ما يقرب من 2.1 مليار دولار في العام 2021.
ويتزامن هذا الاتجاه التنازلي مع زيادة التدقيق في التأثيرات البيئية والاجتماعية لمشاريع تعويضات الكربون، والتي وجدت العديد من التحقيقات أنها كانت أقل فعالية مما هو معلن عنه.
عليه، فإن التوقف المؤقت نسبياً في شراء تعويضات الكربون بانتظار توجيهات إضافية من مبادرات عالمية كانت من الأسباب الرئيسية لتراجع لهفة المستثمرين على أسواق الكربون الطوعية. الجدير بالذكر هنا أنه حتى نهاية العام 2023، بلغت القيمة التراكمية لسوق الكربون الطوعية حوالي 10.8 مليار دولار.
وبناءً على ذلك، فقد انخفض إجمالي عمليات سوق الكربون الطوعية بنسبة 56% على أساس سنوي في العام 2023، إلى 111 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون.
أرصدة الكربون
وتفصيلاً، انخفضت إصدارات أرصدة الكربون (carbon credits) لسوق الكربون الطوعية بنحو 10% في العام 2023، إلى 261.2 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، وذلك من 290 مليون طن متري في العام 2022، حيث شكلت جهود الطاقة المتجددة وتجنب الانبعاثات القائمة الحصة الأكبر من أرصدة الكربون الطوعية في العام 2023.
الجدير بالذكر أن إصدارات أرصدة الكربون في السوق الطوعية كانت قد انخفضت بشكل كبير على أساس سنوي بنسبة 21% في العام 2022، بعد ارتفاع سنوي بنحو 65% في العام 2021.
وانخفض متوسط سعر أرصدة الكربون في السوق الطوعية بنسبة 11% في العام 2023، إلى 6.53 دولار للطن المتري من ثاني أكسيد الكربون.
وبلغ متوسط أسعار أرصدة الكربون في سوق الكربون الطوعية في أمريكا الشمالية 5.68 دولار للطن المتري في العام 2023، بانخفاض نسبته 51% على أساس سنوي. وفي الوقت نفسه، نما متوسط سعر أرصدة الكربون الطوعية في أوروبا بنسبة 78% إلى 24.57 دولار للطن المتري في العام 2023.
وعليه، فقد بلغ الحجم التراكمي لإصدارات أرصدة الكربون في السوق الطوعية في جميع أنحاء العالم 4.1 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون في العام 2023.
تعويضات الكربون
أما على صعيد تعويضات الكربون(carbon offsets) ، أو شهادات خفض الانبعاثات، فقد سُجل ما مجموعه 164 مليون طن متري من تعويضات ثاني أكسيد الكربون في العام 2023، أي بزيادة نسبتها 6.5% عن العام السابق، وهو مستوى قياسي، من 154 مليون طن متري في العام 2022.
هذا مع الإشارة إلى أن تعويض الكربون الواحد يمثل طن متري واحد من ثاني أكسيد الكربون (tCO₂e).
ومع ذلك، ومنذ بداية العام 2023 وحتى نوفمبر 2023، تم سحب* 127 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، من خلال صفقات تعويضات الكربون، بانخفاض طفيف عن حوالي 129 مليون خلال الفترة المماثلة من العام 2022.
وتعني عملية السحب استخدام شهادة تعويض الكربون من قبل الشركات أو الهيئات التي تشتريها للتعويض عن انبعاثاتها من الكربون وبالتالي لا يعد بالإمكان استخدامها مجدداً في السوق سواء للبيع أو الشراء.
لكن الشركات قامت بسحب 37 مليون شهادة في ديسمبر 2023 وحده، أي أعلى بنحو 43% من أعلى مستوى على الإطلاق والذي كان 25.9 مليون وسُجل في ديسمبر 2021، حيث شهدت السوق موجة دعم من جانب صناع السياسات والشركات والمنظمات في مؤتمر "كوب 28" الذي عقد قي دبي في الفترة من 30 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 2023 .
وعلى هذا النحو، فقد بلغ الحجم التراكمي لتعويضات الكربون في سوق الكربون الطوعية حوالي 980 مليون تعويض كربون حتى نهاية العام 2023.
أين المنطقة العربية؟
في حين لا تزال المنطقة العربية تفتقر إلى سوق الامتثال الكربوني، إلا أن أسواق الكربون الطوعية تشهد نمو جيد في عدد من الدول أبرزها:
السعودية
تتصدر شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية في السعودية (RVCMC)، التي أنشأها صندوق الاستثمار العامة (PIF) ومجموعة تداول القابضة في أكتوبر 2022، الدور الرئيسي في توسيع نطاق سوق الكربون الطوعية وتشجيع ممارسات الأعمال المستدامة والعمل المناخي، على المستويين الإقليمي والدولي.
الجدير بالذكر أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي أجرى في أكتوبر 2022 أول مزاد لتعويض الكربون في الشرق الأوسط، حيث باع 1.4 مليون طن من شهادات تعويضات الكربون.
ومن بين المشترين الرئيسيين3 مؤسسات سعودية كبرى وهي: شركة أرامكو وشركة العليان للتمويل وشركة التعدين العربية السعودية المعروفة بمعادن.
وفي يونيو 2023، نظمت شركة RVCMC ثاني أكبر مزاد طوعي لأرصدة الكربون أو carbon credits في نيروبي. وتم بيع ما مجموعه أكثر من 2 مليون طن من أرصدة الكربون إلى 15 مشتري، معظمهم من السعودية وغيرها من الكيانات الدولية، حيث اشترت أرامكو وشركة الكهرباء السعودية وشركة ENOWA* أكبر عدد من الأرصدة.
ENOWA هي شركة طاقة مقرها السعودية وتتبع شركة نيوم التي تعمل على تطوير مدينة نيوم السعودية والتي تروج لمشروع المدينة على أنه يعتمد بشكل كبير على الاستدامة والمعايير البيئية.
وقد بلغ سعر الطن المتري من شهادات أرصدة الكربون 6.27 دولار، ويقدر أن ما لا يقل عن 70% من الشهادات المباعة كانت مرتبطة بمشاريع من دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، بما في ذلك المغرب ومصر.
وأطلقت السعودية في أكتوبر 2023 آلية تعويض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري (GCOM) خلال أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع للأمم المتحدة والذي انعقد في الرياض في الفترة من 8 إلى12 أكتوبر2023.
عُمان
أَنهت سلطنة عُمان ممثلة في هيئة البيئة بالسلطنة، إعداد المسودة النهائية للإطار السياسي العام لتسجيل وإصدار شهادات خفض الكربون (Carbon Reduction Certificates / Carbon Offsets) وفقاً للبند السادس من اتفاق باريس.
وتتكون الوثيقة من 52 صفحة، ترسم سلطنة عُمان فيها مسارها نحو مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية.
وقد أكدت هيئة البيئة أن المسودة حظيت بإشادة إيجابية من المؤسسات والمنظمات الدولية المختصة في هذا المجال، مشيرة إلى أنه سيتم استعراض المسودة أو إطار العمل على جميع أصحاب المصلحة خلال حلقة عمل فنية ستُعقد في منتصف سبتمبر في مسقط.
كما وأنه سيتم إطلاق الإطار السياسي للمسودة في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين من شهر نوفمبر القادم في باكو عاصمة أذربيجان.
الإمارات
أعلنت الإمارات في العام 2019 عن إطلاق سوق دبي العالمي للكربون. ويشمل السوق أنظمة لتداول شهادات خفض الانبعاثات وأدوات أخرى.
ويتيح سوق دبي العالمي للكربون للشركات شراء شهادات خفض الكربون أو تعويضات الكربون من الموردين الذين يلتقطون انبعاثات الكربون المكافئة من الجو إما بإحدى التقنيات المتقدمة أو الوسائل الطبيعية مثل زراعة الأشجار والتوسع في زراعة النباتات في المدن.
وفي يونيو 2023، أعلنت مسرعات الأعمال الإماراتية المعنية بالتغير المناخي (UICCA)، التي يقع مقرها الرئيسي في سوق أبوظبي العالمي، عن إطلاق تحالف الإمارات للكربون، وهو مجموعة من الشركاء الذين يكرسون جهودهم لدعم تطوير ونمو سوق الكربون في الإمارات.
ويضم الأعضاء المؤسسون بنك أبوظبي الأول (FAB)، وشركة مبادلة للاستثمار، وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة، بالإضافة لـ .UICCA
وقد تعهد تحالف الإمارات للكربون في سبتمبر 2023 بشراء ما قيمته 450 مليون دولار من أرصدة كربون إفريقية بحلول العام 2030.
AirCarbon Exchange (ACX)
في سبتمبر 2022، استحوذت شركة مبادلة للاستثمار "مبادلة"، شركة الاستثمار السيادي في أبوظبي، على حصة استراتيجية في AirCarbon Exchange (ACX)، والتي تعمل في قطاع السوق الطوعي لتداول الكربون، والتي تتخذ مقر لها Hub71، وهي منظومة تقدم مجموعة من الخدمات منها تكنولوجية للشركات ومنها الناشئة في أبوظبي.
وتعد AirCarbon Exchange (ACX)، التي أُنشأت في أغسطس 2021، بورصة سلع بيئية عالمية توظف تقنية "البلوكتشين" لإنشاء شهادات كربونية للتداول الفوري عبر ترميز الأصول الافتراضية.
في أكتوبر 2023، تم تنفيذ أول صفقة لشهادات خفض الكربون في هذه البورصة، بين كل من بنك أبوظبي الأول وشركة Helix Climate أو "هيليكس كلايمت" لتداول الكربون والتي يقع مقرها في بريطانيا وحصلت على دعم مالي من الاتحاد الأوروبي.
قطر
يوجد في قطر المجلس العالمي للبصمة الكربونية (GCC)وهو برنامج يمكن من خلاله تسجيل مشاريع من جميع أنحاء العالم أثبتت فعاليتها في تقليل أو إزالة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وتأسس المجلس في 2016 ولكنه بدأ العمل في .2019
وفي ديسمبر 2023، وقع المجلس اتفاقية للاستحواذ على السجل العالمي للكربون وهو بمثابة مؤسسة حفظ مركزية بها سجلات إصدار وتسجيل شهادات الكربون والعمليات التي تقوم عليها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن البورصة المصرية كانت قد وقعت في مارس 2023 مذكرة تفاهم مع المجلس العالمي للبصمة الكربونية (GCC) تمهد الطريق لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية المسجلة بالمجلس في البورصة المصرية.
مصر
أطلقت مصر في أغسطس 2024 أول سوق طوعية لتسجيل وتداول أرصدة الكربون (Credits) وتعويضات الكربون(Offsets) بعد الإعلان عنه خلال قمة المناخ كوب 27 التي استضافتها مصر في مدينة شرم الشيخ أواخر العام 2022.
وقد بدأ تفعيل السوق بتنفيذ 3 عمليات تداول على شهادات خفض انبعاثات كربونية في نفس الشهر. وبعدها وافقت الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية على تسجيل 12 مشروع ليصل الإجمالي إلى 16. ولم يبدأ التداول على المشاريع ال12 الجديدة حتى وقت كتابة هذا التقرير.
الأردن
أعلن الأردن في العام 2020 عن إطلاق سوق طوعية للكربون في المملكة، بهدف تشجيع الشركات والمؤسسات على تخفيض انبعاثاتها الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية، إلا أن هذه الخطوة بقيت خارج حيز التنفيذ حتى تاريخه.
هذا بالتأكيد ليس كل شيء عن أسواق الكربون، انتظرونا بالمزيد من المعلومات والتحليلات في تقرير لاحق
(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي وتحرير: ياسمين صالح)
#تحليلمطول
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا