21 08 2016

خبراء محليون يقللون من خطر التهديد ويؤكدون اتخاذ إجراءات لحماية خليج العقبة

 كشفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) عن أن 60 % من الشِعاب المرجانيّة في العالم، ومن بينها الأردن، معرّضة للخطر بسبب الأنشطة المحليّة، فيما يعاني نحو 50 % من إجمالي مخزون الأسماك في النظم الإيكولوجية البحريّة الكبيرة من "الاستخدام المفرط".

وبينت المنظمة، في الأرقام الصادرة عن التقييمات الدوليّة التي أجرتها اللجنة الحكومية الدولية البحريّة للمنظمة بشأن حالة أعالي البحار في العالم والنظم الإيكولوجية البحريّة الكبيرة التي أعلنت أخيرا، أن 64 نظاماً إيكولوجيّاً بحريّاً من أصل 66 حول العالم تعرض لارتفاع درجات حرارة المحيطات خلال العقود السابقة.

وأعربت عن قلقها من الأرقام الواردة في التقييمات، والتي حصلت "الغد" على نسخة منها، بعد أن رصدت من خلالها الآثار التراكميّة المتزايدة للتغيرات المناخية والأنشطة الإنسانية على النظم الإيكولوجية البحريّة والمحيطات داخل الحدود الوطنية وخارجها، والذي نتج عنها تدهور صحة الموارد وإنتاجيتها، خصوصاً بسبب الصيد الجائر والتلوث، إلى جانب ضعف الالتزام الوطني والإدارة الدوليّة للمياه العابرة للحدود.

ورغم ما ورد في تلك التقييمات، إلا ان نشطاء وباحثين بيئيين اعتبروا أن تأثيرات ظاهرة التغير المناخي أو الأنشطة الإنسانية على الشعاب المرجانية في الأردن "محدودة جدا"، باعتبار أن هنالك "إجراءات فاعلة اتخذها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لحماية البيئة البحرية في خليج العقبة، عبر تنفيذها برنامج لنقل المرجان إلى مناطق محمية بعيدا عن أي مخاطر بيئية".

على أن مسؤولة حملات الطاقة والمناخ في الوطن العربي (إندي أكت) صفاء الجيوسي حذرت في ذات الوقت، من أن ظاهرة التغير المناخي تتسبب بتغيير حموضة المياه والتأثير على الكائنات البحرية، وابيضاض الحيد المرجاني، والتي قد تتسبب بموته في كثير من الأحيان، وهذا "ما يحدث في الأردن".

ولفتت الجيوسي إلى أن العديد من الكائنات تعتمد في غذائها ودورة حياتها المتكاملة على هذا الحيد، مدللة على أن الابيضاض المرجاني الذي حصل في الولايات المتحدة الأميركية عام 2005 فقط، يعادل ما حدث خلال 20 عاما مجتمعة، وفق ما ذكرته مصادر دولية.

وبينت أن ظاهرة التغير المناخي ستؤدي إلى تغيير درجة حرارة المياه ومنسوبها، في وقت يعتبر فيه الحيد المرجاني كالأشجار في البر والمحيطات والبحار، التي تعمل على امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب به النشاط الإنساني، وهو السبب الرئيسي للتغير المناخي.

وأضافت أن هناك مشكلة أخرى، تتمثل في النفايات البلاستيكية التي تقوم بقتل الكائنات البحرية، حيث اكدت بعض الدراسات الدولية أنه بحلول عام 2050 ستفوق الكميات البلاستيكية ما يوجد من كائنات بحرية.

وتبلغ مساحة الحيود المرجانية في البحر الأحمر، بشكل عام، ما يقارب 17640 كيلومترا مربعا، في حين يمتد خليج العقبة فيه على مساحة 27 كيلومترا، وتحتل الحيود المرجانية ما يقارب 13 كيلومترا من مساحته، وسجل فيه نحو 150 نوعا من المرجان، وما يزيد على 180 نوعا من المرجان الرخو.

ووفق أخصائي التنوع الحيوي في الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية إيهاب عيد، فإن الحيود المرجانية تعرضت للعديد من المهددات، كانت في معظمها بفعل الإنسان، مثل إقامة المشاريع المتعددة ذات الطابع الصناعي والتجاري والسياحي بشكل عشوائي، والتي أثرت على مساحات شعاب المرجان.

وبين أن تقريرا نشر عام 2008 حول حالة المرجان في العالم، أظهر أن الدول خسرت 19 % من النسبة الحقيقية للمرجان، في وقت تصل نسبة المهدد منها بالانقراض والزوال إلى نحو 15 %، وذلك خلال عام 2018 المقبل.

ولفت التقرير، الذي تضمن آراء 372 خبيرا بالمرجان من 96 دولة، أن ما نسبته 20 % من المرجان مهددة بالخطر خلال 20-40 عاما المقبلة، وأن 46 % من المساحة الحالية له يمكن اعتبارها حيوية، ومعظم المهددات هي بشرية المصدر.

ومن أجل حماية الحيود المرجانية في الأردن تم العمل، وفق عيد، على تأسيس متنزه العقبة البحري، الذي ساهم في توفير حماية لمساحة مهمة منها، وما يرتبط بها في خليج العقبة، إضافة إلى إطلاق برنامج المراقبة الوطني، حيث تتم مراقبة صحة المرجان وحيويته وقياسها من خلال مراقبة النوع الصلب منه.

كما قامت الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية بتنفيذ تدريب متخصص على مراقبة المرجان واستهداف مجموعة من المؤسسات الوطنية لتلك الغاية.

ووفق ما تم الكشف عنه في بيانات المحيطات المفتوحة والنظم الإيكولوجية البحرية الكبيرة، في مقر منظمة الدول الأميركية في واشنطن، وذلك في إطار برنامج تقييم الموارد المائية العابرة للحدود الذي يموله مرفق البيئة العالمية، فإن 90 % من الشعاب المرجانية قد تكون عرضة للخطر عام 2030، جراء آثار الأنشطة المحلية والتغيرات المناخية.


على أن الشعاب المرجانية في الأردن، وبشكل أخص في خليج العقبة، "غير متأثرة بصورة كبيرة من ظاهرة التغير المناخي"، وفق الخبير البيئي الدكتور نضال العوران، الذي استند في رأيه إلى أن خليج العقبة "بحر شبه مغلق وليس له منفذ كبير على البحر الأحمر، كما أن المرجان بطبيعته يهوى المياه الدافئة، وقادر على أن يقاوم ارتفاع درجة الحرارة لغاية سبع درجات مئوية عن المعدل الطبيعي".

وبين العوران أن ما ذكر في تقرير اليونسكو "يعد مشكلات عالمية لا يقتصر على الأردن وحده، والدول الأخرى تعد الأكثر تأثرا بها، على اعتبار أن مساحة الحيد المرجاني جرت حمايتها وإغلاقها، منعا لأي ممارسات بشرية خاطئة كالصيد أو غيره".

وبين أنه تتم مراقبة الحيد بشكل كبير من قبل الشرطة البيئية والمراقبين في المتنزه البحري في محافظة العقبة، ودائرة الجمارك، لمنع أي متاجرة "غير قانونية" بالشعاب المرجانية.

وأضاف أنه تم عام 2013 نقل المرجان في خليج العقبة إلى مواقع أخرى، تزامنا مع فكرة إنشاء منظومة الموانئ الجديدة في منطقة الدرة، التي تعج بالشعاب المرجانية، حيث أجريت دراسة لتقييم الأثر البيئي للمنظومة تطلبت نقللها والاستفادة منها في موضوع إعادة تأهيل بعض المواقع المرجانية المتضررة، وإنشاء مواقع غوص جديدة كبديل لموقع الغوص الموجود في منطقة الدرة.

وجرت عملية النقل إلى مواقع مختلفة داخل حدود متنزه العقبة البحري، التي تمت بداية باستشارة بيئية دولية متخصصة بالشعاب المرجانية، ثم اختيار المواقع التي سينقل اليها المرجان والأنواع  التي تتحمل عملية النقل، بإضافة إلى اختبار المكان والظروف البيئية المناسبة لضمان نسبة نجاح ممتازة للشعاب المرجانية.

وبعد عملية نقل المرجان تتم مراقبة الشعاب المرجانية المنقولة بواقع ثلاث مرات كل ستة أشهر لمدة عام ونصف العام، بحسب تصريحات سابقة لمستشار مفوض البيئة لإدارة وحماية الشواطئ في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة عبدالله أبو عوالي.

© Alghad 2016