04 07 2016

توقعات باستمرار حالة التقلبات السعرية في أسواق الخام هذا الأسبوع

توقع مختصون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية في أسوق الخام خلال الأسبوع الجاري على الرغم من تحقيق خام القياس العالمي برنت مكاسب قدرها 4 في المائة في ختام الأسبوع الماضي إلا أن استمرار غموض آلية تخارج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجعل الأسواق غير مستقرة في انتظار حسم هذا الملف المهم، الذي له انعكاسات واسعة على معدل النمو الاقتصادي العالمي وعلى سوق الطاقة بصفة خاصة، حيث تتعالى الأصوات التي تدعو إلى أن يكون الخروج البريطاني من الاتحاد سريعا وشفافا ونزيها.

وستؤدي حالة الغموض تلك إلى استمرار تذبذب الأسواق وعدم استقرار سعر الدولار، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط فيما يؤدى تذبذب المخزونات وعودة تنامي أعداد الحفارات إلى الضغط سلبيا على أسعار النفط الخام.

ولفت المختصون إلى اشتداد المنافسة بين المنتجين على أسواق شرق أوروبا، خصوصا السوقين الصينية والبولندية، مؤكدين أنه رغم المنافسة الشديدة على الحصص السوقية إلا أن السعودية تحقق صفقات ناجحة على حساب المنافسين التقليديين.

وحظيت المباحثات بين المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ونظيره الأمريكي آرنست مونيز على هامش قمة مجموعة العشرين في العاصمة الصينية بكين باهتمام ومتابعة الأسواق الدولية خاصة تأكيد الوزيرين على دعم استقرار السوق واستمرار تفوق المعروض على مستوى الطلب إلا أن الوزير الأمريكي أكد ثقته التامة في تعافى وتوازن السوق بحلول عام 2017.

وأشار مونيز إلى أنه ما لم تكن هناك مفاجآت كبرى، فنحن ما زلنا في وضع يتجاوز فيه الإنتاج الطلب، فالفجوة تضيق مع نمو الطلب العالمي تدريجيا، وما قاله الفالح هو أن التوازن بين العرض والطلب قد يتحقق في نهاية هذا العام، وهذا منطقي لكنه قد يكون أيضا في العام المقبل.

غير أنه أضاف أنه عند تحقيق ذلك التوازن ستظل هناك إمدادات كبيرة بسبب الاحتياطيات الوفيرة التي بلغت مستويات تاريخية، وذكر مونيز أنه مع تعافي الأسعار إلى مستوى يراوح بين 50 و60 دولارا للبرميل سيتم استخدام المزيد من منصات الحفر واستكمال المزيد من الآبار في الولايات المتحدة بعدما قلصت الشركات إنتاجها مع نزول سعر الخام دون 40 دولارا للبرميل.

ويعتقد مونيز أن السوق تبدو من الناحية الهيكلية تتمتع بإمدادات جيدة جدا، ولا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنه ستكون هناك تغيرات كبيرة خلال العامين المقبلين، وفيما يتعلق بالسياسة النفطية قال مونيز، إن الفالح أوضح أن السعودية تتطلع لإطار طويل الأجل لتحديد الأسعار في أسواق النفط يعتمد على حركة السوق وليس الحصص.

ومن جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن السوق ما زالت غير مستقرة وجاء التخارج المفاجئ لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليعقد المشهد الاقتصادي ويضيف مزيدا من الأعباء على استقرار سوق الطاقة على الرغم من تلقي السوق دعما واسعا في الفترة الماضية بفعل نمو الطلب وتقلص المعروض الناتج عن انكماش الاستثمارات النفطية.

وأشار شيميل إلى أن ضعف الاستثمارات وتسريح العمالة تسببا في مزيد من الضغوط على الصناعة وتحمل العبء الأكبر منها العنصر البشرى ولذا وجدنا الإضرابات تتوالى وأحدثها كان إضراب النرويج، الذي ضغط على الأسعار بشكل واسع لمجرد التلويح به وليس تنفيذه وذلك على مدار الأسبوع الماضي.

وقال شيميل إن قيام السعودية بتخفيض أسعار بيع النفط الخفيف إلى الأسواق الآسيوية خلال آب (أغسطس) المقبل يعكس سياسات بيعية مرنة تأخذ في الاعتبار بشكل متوازن حجم المنافسة المتنامية على الحصص السوقية خاصة في أسواق أسيا الرئيسية كما أن تأكيدات وزير الطاقة السعودي في بكين على أن "أوبك" ستلبى أغلب احتياجات السوق في الأمد القريب يؤكد تفوق نفط "أوبك" على بقية الموارد خاصة ذات التكلفة المرتفعة.

ويرى شيميل أن السعودية نجحت في سياساتها النفطية التي أخذت بعين الاعتبار تطورات السوق خاصة في ضوء توقعات واسعة بتراجع الاستثمارات وخروج كثير من المنتجين خاصة في أمريكا وكندا وفنزويلا ونيجيريا منوها إلى أن إبقاء السعودية على فائض الإمدادات هو عنصر أمان لضمان تلبية احتياجات السوق الدوليةة كافة المتنامية من الطاقة.

من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، فنسنزو أروتا مدير شركة "تيمكيس أوليو" الإيطالية للطاقة، إن السوق قد يميل إلى تسجيل انخفاضات في الأمد القصير خاصة إذا شهدت المخزونات ارتفاعا هذا الأسبوع حيث وجدنا عودة تنامي الحفارات النفطية الأمريكية حيث زادت للمرة الرابعة خلال خمسة أسابيع وذلك في مؤشر على انتعاش نسبى في إنتاج النفط الصخري الأمريكي.

وأشار أروتا إلى أنه من ضمن العوامل الرئيسية الضاغطة على الأسعار زيادة حدة المنافسة خاصة في الصين وشرق أوروبا حيث وجدنا إيران تكثف جهودها لزيادة الصادرات إلى معدلات مرتفعة في محاولة لاستعادة حصصها السابقة قبل فرض العقوبات الاقتصادية عليها منوها إلى قيام طهران بزيادة صادراتها إلى الصين بنحو 20 في المائة في أيار (مايو) الماضي كما نفذت صفقات ضخمة في بولندا أخرها تقدر بنحو مليوني برميل.

وأضاف أروتا أن السوقين الصينية والبولندية تحظيان بمنافسات واسعة بين نفوط كبار المنتجين، لافتا إلى أن النفط السعودي حقق صفقات جيدة في هذين السوقين على حساب الموردين التقليديين.

إلى ذلك، أشارت لـ "الاقتصادية"، كريستينا فرشيري المدير الإقليمي لـ"بريتيش بتروليوم" (بي بي) في آسيا، إلى أن استمرار تقلبات سوق الطاقة في العالم يتطلب البحث عن فرص الاستثمار الواعدة وتوسيع الشراكة مع الحكومات والشركات الوطنية ومن هذا المنطقة جاء قرار "بي بي" أخيرا بالاستثمار في توسيع محطة "تانجوه" الإندونيسية للغاز الطبيعي المسال.

واعتبرت فرشيري أن هذا المشروع يمثل فرصة جيدة وذات قيمة اقتصادية مضافة قوية حيث سيوفر أكثر من 10 آلاف فرصة عمل إلى جانب دعم التنمية والنمو الاقتصادي في شرق إندونيسيا منوها إلى التزام "بي بي" بالعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة لتلبية احتياجات الطاقة في البلاد.

وأوضحت فرشيري أن إندونيسيا منتج ومستهلك مهم للطاقة وعضو مؤثر في منظمة أوبك ونجح في الفترة الأخيرة في استقطاب كثير من رؤوس الأموال الدولية للعمل في السوق الإندونيسية مشيرة إلى أن "بي بي" ستظل تلعب دورا مهما في دعم الطلب المتزايد على الطاقة في إندونيسيا وغيرها من الأسواق الواعدة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى حول العالم.

وأضافت فرشيري أن قرار "بي بي" بزيادة الاستثمار أخيرا في إندونيسيا يمثل تتويجا لسنوات عديدة من العمل الشاق من قبل شركة بريتيش بتروليوم مع شركائها خاصة الحكومة الإندونيسية مشيرة إلى تطلع الشركة إلى استمرار التعاون منوهة إلى أن "بي بي" تقدم على أكبر مشروع من مشروعات طاقة المنبع في الجزء الشرقي من إندونيسيا ومن المتوقع في الربع الثالث من العام الجاري 2016 الانتهاء من عملية التشييد والبناء كما من المتوقع البدء في التشغيل في عام 2020.

وكانت أسعار النفط صعدت في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، فقد سجل خام برنت القياسي العالمي أكبر زيادة أسبوعية منذ منتصف أيار (مايو) مع إقبال المستثمرين على الشراء لتكوين مراكز قبل بداية تعاملات الربع الثالث من العام في حين أعطى تراجع الدولار دعما لأسعار معظم السلع الأولية.

وأنهت عقود برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 64 سنتا أو ما يعادل 1.3 في المائة لتسجل عند التسوية 50.35 دولار للبرميل بعد أن كانت هبطت 1 في المائة في أوائل الجلسة، وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 66 سنتا أو 1.4 في المائة إلى 48.99 دولار عند التسوية.

وأقبل المستثمرون على شراء النفط بعد مبيعات لجني الأرباح في الجلسة السابقة للاستفادة من أكبر زيادة فصلية في سبع سنوات، وقفزت أسعار الخام نحو 25 في المائة في الربع الثاني من العام.

وجاء تعافي النفط مع تراجع الدولار 0.5 في المائة أمام سلة من العملات الرئيسة وهو ما يجعل السلع الأولية المقومة بالعملة الخضراء أقل تكلفة على حائزي اليورو والعملات الأخرى، وأنهي برنت الأسبوع على مكاسب قدرها 4 في المائة هي أكبر زيادة في سبعة أسابيع في حين بلغت مكاسب الخام الأمريكي على مدى الأسبوع المنصرم نحو 3 في المائة.

وتجاهلت السوق تقريرا من شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية أظهر رابع زيادة أسبوعية في الأسابيع الخمسة الماضية في عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة، وقال التقرير إن شركات الطاقة زادت عدد الحفارات النفطية بواقع 11 حفارا هذا الأسبوع وهي أكبر زيادة منذ كانون الأول (ديسمبر).

وأشار فيل فلاين المحلل في "برايس فيوتشرز جروب" للسمسرة في شيكاغو إلى أن ارتفاع عدد الحفارات النفطية يشير إلى إنتاج أعلى لكننا مازلنا منخفضين بأكثر من 300 حفار عن العدد الذي كان قيد التشغيل قبل عام ولهذا لا أحد يشعر بقلق جدي من هذا الارتفاع في الوقت الحالي.

وأظهرت بيانات من شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية أن شركات الحفر النفطي الأمريكية زادت عدد منصات الحفر للمرة الرابعة في خمسة أسابيع، ما يشير إلى نهاية محتملة لانحسار كبير استمر نحو عامين لعمليات الحفر.

وقالت الشركة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة إن شركات الحفر أضافت 11 حفارا نفطيا في الأسبوع المنتهي في أول تموز (يوليو) ليرتفع إجمالي عدد الحفارات قيد التشغيل إلى 341، مقارنة بـ640 حفارا قبل عام.

وقبل هذا الأسبوع أضافت شركات الحفر حفارات نفطية في أربعة فقط من 25 أسبوعا هذا العام وخفضت في المتوسط ثمانية حفارات أسبوعيا بعدد إجمالي 206 حفارات، وفي العام الماضي أزالت 18 حفارا أسبوعيا في المتوسط وبعدد إجمالي بلغ 963 حفارا، وهو أكبر انخفاض منذ عام 1988 على الأقل.

وبعد هبوطه من 1609 حفارات منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2014 وسط أسوأ انهيار لأسعار النفط في 30 عاما بدأ عدد الحفارات النفطية بالارتفاع مع زيادة المنتجين الإنفاق، بعد أن تراوحت أسعار الخام الأمريكي منذ أواخر أيار (مايو) حول 50 دولارا للبرميل.

واستقرت عقود الخام الأمريكي إلى حد كبير في الأسبوع المنصرم عند نحو 48 دولارا للبرميل، بعد أن حققت قفزة بلغت 26 في المائة في الأشهر الثلاثة الماضية مسجلة أفضل أداء للربع الثاني من العام في سبع سنوات.

ووفقا لبيانات بيكر هيوز، فقد هبط إجمالي عدد حفارات النفط والغاز الأمريكية إلى 404 في منتصف أيار (مايو) وهو أدنى مستوى منذ عام 1940 على الأقل، وزاد بواقع عشرة حفارات ليصل إلى 431 حفارا في الأسبوع المنتهي في أول تموز (يوليو).

© الاقتصادية 2016