01 08 2016

الاقتصادات الناشئة تقود نمو الطلب رغم ضغوط وفرة المعروض

توقع مختصون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية للنفط الخام في الأسبوع الجاري مع ميل لتحقيق ارتفاعات سعرية بعد أسبوع سابق هيمنت عليه الانخفاضات قبل أن يتم إغلاق تعاملات الأسبوع على ارتفاعات نسبية.

وتوقع المختصون أن تتلقى السوق دعما من رفع عدد من المؤسسات المالية لتوقعاتها لأسعار النفط في النصف الثاني من العام الجاري وفي مقدمة تلك المؤسسات البنك الدولي الذي بنى توقعاته على تقلص المعروض بالتزامن مع نمو الطلب بقيادة الاقتصادات الناشئة مع توقعه بتوازن العرض والطلب بحلول العام المقبل.

وقالت شركة "أرامكو" السعودية أمس، إنها خفضت سعر بيع خامها العربي الخفيف إلى العملاء الآسيويين في أيلول (سبتمبر) 1.30 دولار للبرميل ليصبح بخصم 1.10 دولار عن متوسط خامي سلطنة عمان ودبي.

ورفعت شركة النفط الوطنية لأكبر بلد مصدر للخام في العالم سعر البيع الرسمي لشحنات أيلول (سبتمبر) من الخام العربي الخفيف المتجهة إلى شمال غرب أوروبا 0.25 دولار للبرميل عن آب (أغسطس) ليصبح بخصم 4.25 دولار للبرميل عن المتوسط المرجح لبرنت، فيما تقرر خفض سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف إلى الولايات المتحدة 0.20 دولار إلى علاوة 0.25 دولار للبرميل فوق مؤشر أرجوس للخام عالي الكبريت.

وأشار المختصون إلى أن تحسن الأسعار نسبيا وبقاءها حول 50 دولارا للبرميل يمكن أن ينعش بعض استثمارات النفط الصخري في الولايات المتحدة التي بدأت برامج مكثفة للتأقلم مع مستويات منخفضة للأسعار وبدا ذلك واضحا في استمرار النمو المتواصل للحفارات النفطية الأمريكية.

وفي هذا الإطار، يقول ألان ماتيفاود مدير الأبحاث والتحليلات في شركة "توتال" العالمية لللطاقة، إن تقريرا صادرا عن صندوق النقد الدولي كانت له تأثيرات إيجابية في السوق خاصة فيما يتعلق بتعامل دول الخليج مع تراجع أسعار النفط حيث أشاد بالسياسات الاقتصادية السعودية ووصفها بأنها بدأت تحولا جوهريا لمواجهة انخفاض أسعار النفط.

وأوضح ماتيفاود أن الحكومة السعودية بدأت بالفعل سلسلة من الإصلاحات القوية على مدار العام الماضي التي ستكون تجربة متميزة تنتقل إلى عديد من دول المنطقة إلى جانب دول منظمة "أوبك" حيث شرعت أخيرا في خطط طموحة لتحول الاقتصاد السعودي إلى التنوع من خلال "رؤية السعودية 2030" وبرنامج التحول الوطني.

وأشار ماتيفاود إلى أن آفاق الطلب جيدة وواسعة في كل اقتصادات العالم بدرجات متفاوتة حيث من المتوقع أن يرتكز الطلب في دول وسط آسيا إلا أن أحدث التقارير كشفت أيضا عن نمو الطلب على النفط في الولايات المتحدة في أيار (مايو) الماضي بنحو 0.4 في المائة وأن انتعاش إنتاج النفط الصخري أخيرا يعكس قناعة الاستثمارات النفطية بأن حجم النمو في الطلب كبير وسيستوعب كل الموارد المتاحة.

من جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، إيريكا ماندرفينو مدير العلاقات العامة في شركة "إيني" الايطالية العملاقة للطاقة، إن سوق النفط الخام ما زالت ضعيفة وإن عملية التحسن تحدث ولكن ببطء شديد نتيجة تأثر السوق بعدد من العوامل القوية ومتضادة التأثير مضيفة أن آفاق السوق جيدة على المدى الطويل والاستثمارات تسعى إلى الحفاظ على نمو نشاطاتها والتغلب على كل العقبات الراهنة خاصة في ضوء توقعات بطلب مبشر على الطاقة في السنوات المقبلة.

وأشارت ماندرفينو إلى أنه على الرغم من صعوبات السوق فقد حققت "إيني" نتائج مهمة في النصف الأول من عام 2016، وعملت على زيادة إنتاج النفط والغاز والتغلب على تأثير العوامل السياسية خاصة الاضطرابات في نيجيريا، موضحة أن مشروعات "ايني" الرئيسية تسير وفق برنامج زمني منضبط وهو ما يطمئننا إلى نمو الإنتاج المتوقع بأكثر من 5 في المائة في العام المقبل 2017 لافتة إلى اهتمام الشركة الإيطالية بأنشطة الاستكشاف حيث تشير التوقعات إلى نمو كبير في الاكتشافات الجديدة في الأشهر الستة المقبلة.

وبحسب ماندرفينو فإن "إيني" حققت نتائج إيجابية في جميع عملياتها بسبب تدابير إعادة الهيكلة والكفاءة التي ستستمر كما هو مخطط لها إلى جانب الالتزام بخفض التكاليف منوهة إلى أن هذه الآليات سمحت للشركة بسهولة استيعاب سيناريو انخفاض سعر النفط، مشددة على التزام الشركة بالمحافظة على ميزانية عمومية قوية وضبط النفقات الرأسمالية وتحسين التدفق النقدي في ظل توقعات باستقرار خام برنت حول 50 دولارا للبرميل خلال العام الجاري.

من ناحيته، قال لـ "الاقتصادية"، جون واتسون الرئيس التنفيذى لعملاق الطاقة الأمريكي "شيفرون" إن الشركة حققت خسارة في الربع الثاني من العام الجاري تقدر بـ 1.5 مليار دولار في مقابل مكاسب بنحو 571 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2015، معتبرا أن نتائج الربع الثاني تعكس تأثيرات انخفاض أسعار النفط على الرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها "شيفرون" للتكيف مع انخفاض أسعار النفط العالمية.

وأشار واتسون إلى أن "شيفرون" ستواصل تحقيق التقدم نحو هدفها المتمثل في الوصول إلى التوازن النقدي منوها إلى أنه تم تخفيض نفقات التشغيل والإنفاق الرأسمالي في الشركة بنحو أكثر من ستة مليارات دولار منذ أوائل العام الماضي.

وأكد واتسون أن تحديات السوق لم تمنع من العمل على سرعة الانتهاء من المشاريع الرأسمالية الكبرى مشيرا إلى الاهتمام بمشروعات الغاز الطبيعي المسال مع أنجولا وإنجاز مشروع "تشواندونجبى" للغاز في المقاطعة الصينية متوقعا زيادة التدفقات النقدية في شيفرون في الأرباع السنوية المقبلة.

وأضاف واتسون أن مشروعات المصب التابعة لـ "شيفرون " في الولايات المتحدة حققت مكاسب تقدر بنحو 537 مليون دولار في الربع الثاني من العام الجاري 2016 مقارنة بأرباح تقدر بنحو 731 مليون دولار في الفترة نفسها من العام السابق مشيرا إلى أن هذا الانخفاض الكبير في الأرباح يرجع أساسا إلى انخفاض عائدات وهوامش الربح في مبيعات المنتجات المكررة.

© الاقتصادية 2016