من هدى الكبيسي ..

أبوظبي في 9 أكتوبر /وام/ تشكل المتاحف منصة ثقافية عالمية تعكس مدى تقدم البشرية عبر السنين والعصور المختلفة وإقامتها ضرورة وطنية من أجل الحفاظ على المقتنيات التراثية والحضارية والثقافية لأي دولة حيث تجسد تاريخها ونهضتها عبر التاريخ مما يجعلها مكانا لجذب السائحين والزوار وتنمية القطاع السياحي والثقافي .

كما يعد التراث الثقافي أحد المكونات الرئيسية للهوية الثقافية للشعوب وللمتاحف دور مهم وكبير في توثيق ونشر الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتشجيع البحث العلمي في مجال حفظه وتوثيقه .

وتهتم دولة الإمارات العربية المتحدة كثيرا بالكشف عن آثارها وإبرازها بهدف تدعيم الجسور بين الماضي والحاضر وتوثيق العلاقة بين الإنسان والتاريخ وأنشأت لهذا الغرض العديد من المتاحف للحفاظ على هذه الثروة القومية ولتكون في الوقت نفسه مرآة صادقة لها ليس فقط في ماضيها القديم بل في حاضرها المشرف .

وتحتضن المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات في أبوظبي عددا من المتاحف من أهمها "متحف زايد الوطني" الذي بني تخليدا لذكرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ويوثق تاريخ الدولة من خلال سرد حياة ومآثر الوالد المؤسس زايد رحمه الله .

ويضم المتحف مجموعة كبيرة من التحف الفنية والقطع الأثرية التي تعود إلى ثقافات قديمة وأخرى معاصرة في الدولة والمنطقة العربية والشرق الأوسط كما يعتبر منصة لترسيخ الهوية الوطنية الإماراتية ومركزا مهما لاستكشاف ودراسة التراث الأصيل والتاريخ الغني للدولة ويحتوي على صالة عرض دائمة تحكي قصة الشيخ زايد وتأثير إصلاحاته كما أنه يعكس انتقال دولة الإمارات إلى الحداثة والنمو المتسارع الذي حققته في غضون 45 عاما الماضية .

ويعرض "متحف اللوفر أبوظبي" الذي افتتح في 2014 في منارة السعديات .. التأثيرات المشتركة والصلات التي ربطت بين مختلف الثقافات العالمية ويقدم فكرة عن تاريخ البشرية منذ فجر التاريخ .. كما يقدم منظورا جديدا حول تاريخ الفن حيث يتكون من ستة أقسام رئيسية هي "الشكل البشري" و"العوالم القديمة" و"المقدسات والصورة الشرقية" و"النظرة الغربية" و"حوار الثقافات" و"سلسلة أعمال سي تومبلي" .

أما "متحف جوجنهايم أبوظبي" فيعد منبرا عالميا للفنون والثقافة المعاصرة ويقدم للعالم بعضا من أهم الإنجازات الفنية حاليا ويشغل المتحف موقعا مميزا في المنطقة الثقافية في السعديات بمجموعته الدائمة التي تشكل مثالا حيا لتلاقي الفنون العالمية التي تمتد من ستينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا .

كما يسهم المتحف من خلال سلسلة متكاملة من الأعمال الفنية والمعارض والبرامج التعليمية في بناء وتعزيز مفهوم عالمي لتاريخ الفن ويعتمد على التوزيع الجغرافي وذلك من خلال التركيز على الديناميكيات المترابطة لمراكز الفنون المحلية والإقليمية والدولية فضلا عن سياقاتها التاريخية المتنوعة ومصادر الإلهام الإبداعي .

وتحتضن مدينة العين عددا من المتاحف من أهمها "متحف العين الوطني" الذي يقع بالقرب من قلعة الشيخ سلطان وهو أقدم متحف في الدولة حيث افتتح عام 1971 وينقسم إلى قسمين رئيسيين هما "قسم الآثار" الذي يقدم للزائر نبذة شاملة عن عادات وتقاليد البلاد كما يحكي تاريخ أوائل الناس الذين سكنوا المنطقة قبل أكثر من 8000 عام .. وقسم آخر يستعرض تاريخ حقبة ما قبل النفط كما يضم القسم مجموعة قيمة من الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود تم التقاطها خلال فترة الستينات من القرن الماضي .. ويضم المتحف عرضا جيدا لمهنة صيد السمك والغوص بحثا عن اللؤلؤ بالإضافة إلى عرض للآلات الموسيقية والمشغولات الفنية .

ومن أهم المعروضات المميزة كتابان في الدين يعودان إلى القرن الـ 17 إضافة إلى ست نسخ من القرآن الكريم ومعروضات الأسلحة ومعلومات عن رياضة الصيد بالصقور بالإضافة إلى جناح خاص بالهدايا التي تلقاها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله.

أما قسم الآثار فيعرض المكتشفات الأثرية التي تعود إلى حقب زمنية متعددة تعود إلى العصور الحجرية وصولا إلى حقبة ظهور الإسلام . وتبرهن أقدم المكتشفات على وجود مستوطنات سكنية تعود إلى نحو 7500 سنة خلت وتتكون هذه المكتشفات من أدوات حجرية ومكاشط حجرية ورؤوس سهام كما تشمل المعروضات قطعا وأدوات جنائزية تشمل الفخاريات والأواني الحجرية والقطع النحاسية التي تم العثور عليها داخل المدافن الجماعية في هيلي وأم النار والتي أظهرت وجود حركة تجارية خارجية واسعة مع بلدان أخرى مثل بلاد الرافدين قبل 5000 سنة .

ويعد "متحف قصر العين" البيت السابق لمؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومركزا للنشاطات السياسية والاجتماعية . ويضم المتحف الذي شيد عام 1937 مجموعة كبيرة من مقتنيات العائلة الحاكمة كما يعرض تراث المدينة وتاريخها الفريدين .

ينقسم المتحف إلى ثلاثة أقسام "قسم الآثار" ويحتوي على مجموعة من المقتنيات التي تتضمن عددا كبيرا من القطع المستخرجة من حديقة الهيلي ويرجع تاريخ بعض المعروضات مثل تلك المستخرجة من قرن بنت سعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد .. أما "قسم الهدايا " فيحتوي على مجموعة إستثنائية من الهدايا التي تلقاها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في حياته والتي تتضمن سيوفا ذهبية وخناجر فضية ونخلة ذهبية كما يقدم "قسم الإثنوغرافيا " لمحة عن مختلف أوجه الحياة في الإمارات ويتضمن مجموعات مثيرة للاهتمام من مقتنيات البدو كالمجوهرات والآلات الموسيقية والأسلحة ومجالس عربية أعيد بناؤها .

وتحتضن جزيرة دلما متحفا يطلق عليه "متحف دلما للتراث" ويمثل أحد أهم المعالم في الجزيرة وهو منزل قديم أسسه محمد بن جاسم المريخي وترجع أهميته إلى أن السفن التجارية كانت تتخذ من هذا البيت مأوى ومركزا للتزود بالماء والبضائع . إلى جانب كونه مركزا لبيع وشراء اللؤلؤ ويعكس بناء البيت من واجهاته الأربع الطابع المعماري الأموي كما يأخذ طابعا يتلاءم مع الواقع البيئي الخليجي من حيث معالجة التصميم الهندسي لنسب الرطوبة وعمليات التكييف الهوائي ووسائل التهوية والتبريد المبتكرة .

ويحتفظ المتحف بقطع من الآثار مثل الخزف والزجاج والأواني الفخارية والمعادن والعملات تعود إلى العصر الإسلامي كما يوجد بالمتحف كنوز أثرية ومبان ومواقع تعود إلى آلاف السنين .

//يتبع// وام/هدى/عبي/سلا

© Copyright Emirates News Agency (WAM) 2016.