10 11 2016

( التقرير من إعداد التميمي وشركاه باللغة الإنجليزية، ومترجم للعربية بواسطة "زاوية عربي")

تتمتع المملكة العربية السعودية بموقع جغرافي استراتيجي على الخريطة العالمية للتجارة البحرية، وقد انعكس ذلك في حقيقة تصنيف ميناء جدة الإسلامي على المستوى 33 بقائمة لويدز العالمية لأكثر الموانئ انشغالًا بمناولة الحاويات.

في المقابل، أثبتت الممارسات البحرية المحلية بالمملكة العربية السعودية أن الحجز على السفن في المملكة العربية السعودية يشوبه قدر من الغموض بالنسبة للعديد من مسؤولي النقل ووكالات التأمين والتجار الدوليين؛ يتناول هذا المقال الممارسات البحرية المعقدة للحجز على السفن في المملكة العربية السعودية.

معلومات عامة

تعتمد المبادئ الرئيسية للممارسات البحرية السعودية على الباب الثاني من قانون المحاكم التجارية لسنة 1931، وعُدل قانون المحاكم التجارية بمرور السنين كثيرًا بدرجة ملحوظة بلوائح تنفيذية تم سنها حديثًا لتحكم إجراءات الحجز على السفن في الوقت الراهن.


علاوة على ما سبق، فقد خدمت التعديلات بموجب اللوائح القضائية الصادرة عام 2007 المملكة بدون محكمة بحرية مختصة، فبدلًا من ذلك، تكون المحاكم (الدوائر) التجارية مفوضة لمراجعة أهلية المطالبات البحرية الأصلية وإجراءات الحجز على السفن؛ بينما تشرف المحاكم التنفيذية على البيع المؤقت للسفن المحجوز عليها، كما تخضع السفن التي تبحر في مسار محدد إلى المملكة العربية السعودية بينما ترسو في مياهها الإقليمية للقضاء الوطني إلى المحاكم المحلية بالمملكة العربية السعودية؛ ومع ذلك، لا يُحجز على جميع السفن المبحرة بنفس الطريقة، وتكون السفن الحربية والرسمية والسفن المملوكة للدولة والمستخدمة في خدمات الموانئ مستبعدة من موضوع الاختصاص القضائي لمحاكم المملكة العربية السعودية التجارية والتنفيذية.


ومع أن المملكة العربية السعودية وقعت اتفاقيات دولية متعددة عن القانون البحري الإقليمي والدولي، إلا أنها لم تصدق على الاتفاقية الدولية المتصلة بالحجز على السفن 1952 أو الاتفاقية الدولية للحجز على السفن 1999 أو الاتفاقية الدولية للامتيازات والرهون البحرية 1993، ويمكن نظريًا أن يكون غياب قوانين مماثلة لحماية الموانئ أمرًا مثيرًا للقلق فيما يتصل بإخضاع بعض وسائل الحماية، بل العديد منها في الواقع، بقانون محلي كما نشير أدناه أو بممارسة خاصة تكون معلومة لجهات التمويل ورجال الأعمال.

طبيعة الديون البحرية وتصنيفها

توجد فئتان من الديون: الأولى هي الدين الرئيسي والذي يمكن أن يمتد ليغطي جميع أصول المدين المبحرة، والآخر هو الدين المتزايد والذي يربط الدين أو الامتياز بأصل معين محدد مسبقًا. وبموجب القوانين العامة للمسؤولية المدنية بالمملكة العربية السعودية، من المفترض أن يتحمل المدينون المسؤولية الشخصية عن أصولهم الخاصة، وهذا المفهوم يضع معيارً أوليًا أو أدنى معيار لتأمين التزامات الدين المكشوفة أو المستهدفة بالكاملة أي التي تفقد الدعم الإضافي، ويتحمل المدينون لنفس الأسباب مسؤولية الديون المتصلة بتجارتهم البحرية القائمة ولكن معايير الامتيازات تختلف بناءً على تلك الديون.

يجوز للدائنين اللذين يملكون خطوطًا مكشوفة أو مستهدفة رفع دعاوى حجز غير عيني على جميع أصول مدينيهم البحرية بصرف النظر إذا كانوا هم ملاك هذه السفن أو مستأجروها؛ ومع ذلك، في حالة وجود رهن مسجل تتصاعد الإجراءات إلى زيادة تبعية في شكل حجز عيني يضمن للدائنين السيطرة على السفينة التي تحمل الرهن نفسها بدون الحاجة إلى وضع رابط عيني مع المدينين أو ملاك السفينة؛ الديون الشبيهة بالرهون- هي ديون تكون في حالة الرهن بحكم القانون كما تضمن حق المدينين العيني في السفينة، ويعد كلا من عقود إيجار السفن العارية واتفاقيات تأجير السفن بوقت هما مثالان بليغان للامتيازات شبه الرهون التي تُحق لملاك السفينة بتقديم مطالبة مباشرة لسفينتهم، وماكينتها ومعداتها وبدل شحنها وحمولتها من المدينين الآخرين مباشرة.

تتمثل الميزة الأساسية في وضع اختصاص عيني في أنه يوفر للدائنين حصانة المعاملات التابعة التي يمكن أن تؤدي إلى آثار عكسية على قيمة السفينة المقصودة مثل أخذ رهن آخر أو بيع السفينة ما لم يُلتزم بشروط صارمة وافصاح وإجراءات معينة؛ فمثلًا يلتزم الدائنون اللذين يحملون رهون ملكية بتسجيل ديونهم رسميًا بوزارة النقل من أجل الاستفادة من هذه الحماية ضد الدائنين التابعين.

هناك أحد عشر فئة من الديون المختلفة عمومًا تنص عليها المادة 154 من قانون الشركات التجارية بالترتيب التالي: (1) مصاريف المطالبة وكذلك المصاريف الناتجة عن البيع الأولي للسفينة، (2) رسوم المرشد والإرساء والرصيف البحري، (3) تكاليف الحارس والأمين، (4) مصاريف التخزين، (5) مصاريف حفظ الأمانات، (6) رسوم التسجيل والرسوم الإدارية وأجور طاقم العمل، (7) قروض إعادة التجهيز قبل بدء الرحلة، (8) سعر بيع السفينة والمبالغ المستحقة للدائنين الأجانب، (9) قروض إعادة الامداد أثناء الرحلة، (10) قسط التأمين، (11) رسوم الإسعاف والتأمين بالمعدل العام.

الحجز وإعادة الحجز

تصدر المحكمة أوامرها بشأن سفينة معينة بتفويض السلطات المعنية مثل مدير الميناء أو خفر السواحل.

ولأن إجراءات الحجز تكون سريعة على نحو غير اعتيادي، تتضمن اللوائح التنفيذية عددًا من عمليات التدقيق المقابل والمطابقات التي تعادل بين مواقف المدعي والمطالبات العابثة المحدودة. يجب أولًا توصيل الحق المطلوب بدين بحري يكون مستحقًا ومعقولًا مبدئيًا، وثانيًا يجب على الدائنين التصرف بحسن نية ويكون من المتوقع أن يقدموا مطالبات أصلية فعلية خلال مدة أقصها 10 أيام عمل (متوسط أسبوعان) من تاريخ الحصول على أمر الحجز، وثالثًا يلتزم الدائنون بإيداع تأمين نقدي على شكل شيك مصدق أو ضمان بنكي لدى المحكمة، ويكون للمحكمة سلطات تقديرية كاملة لتقرير إذا كان الحجز ممكنًا وتحديد مستوى التأمين بمراعاة عدد من العوامل؛ وتشمل هذه العوامل غالبًا عاملًا واحد أو أكثر مما يلي: مبلغ الدين المطلوب ونسبة الدين لقيمة السفينة وتكلفة الحجز والاحتفاظ بالسفينة وحمولتها في الميناء ومدى عملية الحجز وخطورته.

تعتمد إعادة الحجز على السفينة مباشرة على السبب السابق للدعوى، ولا يمكن إعادة الحجز على سفينة إذا أبطل تنفيذ القانون دعوى الحجز، أي إهمال إلحاق دعوى أصلية لدعوى الحجز؛ وبناءً على ذلك ستنظر المحكمة في إعادة الحجز على السفينة وستتعاطف مع الدائن الذي كان سيسقط دعواه السابقة بحسن نية بمثال واضح بعد بدء التفاوض معه على التسوية ولكن التفاوض باء بالفشل.

يُحول الحجز على سفينة مماثلة القضاء العيني إلى غير عيني في ظل ظروف استثنائية، وإذا حدث ذلك يكون الحجز على سفينة مماثلة ممكنًا (بدون ضمان) بشرط أن يكون نفس المدين هو مالك السفينتين؛ وتوجد مخاوف قائمة من أن تتعرض حقوق الدائن وموقفه للخطر بسبب تلك المعاملة وأن تتعرض السفينة لخطر فعلي نتيجة انخفاض القيمة.

الإفراج والحجز الخاطئ

يمكن الإفراج عن السفينة في مرحلة من بين ثلاث مراحل: المرحلة الأولية، ومرحلة محكمة الدرجة الأولى، ومرحلة محكمة الاستئناف؛ ويكون الدائنون مضطرون للاستجابة السريعة لدعاوى الحجز وخاصة أثناء المراحل المبكرة من الحجز بينما تكون لديهم الفرصة الأفضل لرفع الدعوى بأقل الخسائر.

يمكن تخفيف مخاطرة أي حجز في المرحلة الأولية ببذل جهود جادة للتأكد من تهديد الحجز بالحصول على استشارة قانونية تتبعها جهود تفاوض مع الطرف المنفذ للحجز؛ ومع ذلك إذا كانت السفينة احتجزت بالفعل، يلتزم الدائنون بالإفراج عنها مع تعويض شخصي من مبلغ المطالبة، ومن المتوقع أن يستجيب الدائنون الحصيفون خلال فترة الأيام العشرة المذكورة أعلاه لأن الإخفاق في ذلك سيزيد من خسائرهم؛ وللإفراج عن السفينة من الحجز، يجب أن يقدم الدائنون أولًا تأمينًا مقابلًا ثم يسوون عملية الحجز. تقرر المحكمة مبلغ التأمين المقابل غير أنه سيكون على الأرجح مبلغًا مساويًا لمبلغ تأمين الحجز وسيصدر بنفس الطريقة؛ وإذا لم ينجح الإفراج، يجوز للدائن الموافقة على أمر الحجز الصادر من المحكمة بالاستئناف في محكمة الاستئناف خلال 30 يومًا من أمر الحجز.

يجوز للمدينين عمومًا الدفاع ضد الحجز بمناقشة غياب الاختصاصات القضائية أو غياب شروط الديون البحرية أو عدم جدوى الحجز أو انتهاء الوقت؛ ومن البديهي أن تكون أفضل طريقة هي منع دعوى الحجز من بدايتها بتقديم اختيارات بديلة للدائنين أو تأمين يغطي الدين القائم؛ ولا تقبل المحكمة في ذلك الوقت بالضمانات الشخصية مثل الحسابات المعلقة أو خطابات الضمان. ومع ذلكن فإن هذا لا يحكم بخروج هذه الضمانات من الممارسة تمامًا، فالحسابات المعلقة تُستخدم في القضايا الأصلية على نطاق واسع ويعد تقديمها مرجعًا متاحًا عند البيع والاتفاق الودي بين الأطراف بعيدًا عن اللجوء إلى المحاكم.

نادرًا ما تأمر المحاكم بالتعويض في حالات الحجز الخاطئ نتيجة مبدأ الحصانة القضائية وفرض الحيطة لدى المدنين، ومع ذلك يمكن للمدينين استعادة تعويضات الأضرار الفعلية والمباشرة إذا استطاعوا إثبات أن الدائن الحاجز قد تصرف بدون حسن نية وزور معلومات أو مستندات مقدمة في طلب الحجز.

وفي الختام، نرى أن الممارسات البحرية في المملكة العربية السعودية مثمرة وفعالة ولكن توجد فروق دقيقة متعددة تحتاج أن يدركها جميع الأطراف المعنية. ومن المتوقع لاحقًا إمكانية إحداث تغييرات تشريعية في هذا الصدد، وسنقدم كل تحديث كما هو وقت تفعيله ونتمنى في نفس الوقت أن يكون هذا المقال قد كشف عن بعض الغموض الطاغي على ممارسة الحجز على السفن على الشواطئ السعودية.



© Al Tamimi & Company 2016