16 07 2016

مخاوف استمرار تخمة المعروض تكبح المكاسب

ارتفعت أسعار النفط الخام متجهة صوب 48 دولارا للبرميل أمس، بعدما عززت بيانات من الولايات المتحدة والصين أكبر مستهلكين للطاقة في العالم آفاق الطلب على الخام، غير أن المخاوف من أن يؤدي استمرار التخمة في المعروض من الخام والمنتجات المكررة إلى عرقلة تعافي الأسعار كبحت المكاسب.

ووفقا لـ "رويترز"، فقد ارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 45 سنتا إلى 47.82 دولار للبرميل بعدما هبط في وقت سابق إلى 46.65 دولار للبرميل، وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 42 سنتا إلى 46.10 للبرميل.

وزادت مبيعات التجزئة الأمريكية أكثر من المتوقع في حزيران (يونيو)، حيث اتجه الأمريكيون إلى شراء السيارات وسلع أخرى بمما عزز التوقعات بأن النمو الاقتصادي زاد في الربع الثاني.

وارتفع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة العام الماضي بفضل مبيعات السيارات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود بعد هبوط أسعار النفط، وسجلت الصين نموا اقتصاديا بلغ 6.7 في المائة في الربع الثاني بما يزيد قليلا على توقعات السوق، ويعكس جهود الحكومة الرامية إلى دعم استقرار النمو.

وأظهر تقرير شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة الذى يحظى بمتابعة وثيقة، أن منتجي النفط الأمريكيين زادوا عدد منصات الحفر للأسبوع الثالث على التوالي، في الوقت الذي يعزز فيه بعض المنتجين إنفاقهم ونشاطهم للاستفادة من أسعار أعلى في المستقبل على الرغم من هبوط أسعار الخام أخيرا.

وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، إن المنتجين أضافوا ست منصات نفطية في الأسبوع المنتهي في 15 تموز (يوليو) ليصل إجمالي عدد المنصات إلى 357 مقارنة بـ 638 منصة قبل عام.

ومنذ أوائل حزيران (يونيو) بعدما تجاوزت أسعار الخام حاجز 50 دولارا للبرميل بلغ صافي عدد منصات الحفر التي أضافها المنتجون 32 منصة في أكبر زيادة خلال فترة تسعة أسابيع منذ تموز (يوليو) - آب (أغسطس) 2015 عندما بلغ صافي عدد المنصات التي أضافها المنتجون 35 منصة.

وحدثت الزيادة العام الماضي بعدما ارتفع النفط إلى 60 دولارا للبرميل في أيار (مايو)- حزيران (يونيو) 2015، وهو ارتفاع وصفه بعض التجار بأنه "فجر زائف"؛ لأنه أعقبه هبوط آخر للسوق، وكان عدد المنصات الحفر النفطية قد تقلص بعدما سجل ذروة بلغت 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 وسط أكبر وتيرة هبوط في الأسعار في نحو 30 عاما، لكن محللين ومنتجين يقولون إن سعر 50 دولارا لبرميل النفط سيشجع على العودة إلى الإنتاج.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت بأقل من المتوقع الأسبوع الماضي، بينما سجلت مخزونات البنزين زيادة مفاجئة وقفزت مخزونات نواتج التقطير.

وتراجعت مخزونات النفط الخام 2.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي لتصل إلى 521.8 مليون برميل، مقارنة بتوقعات محللين بانخفاض قدره ثلاثة ملايين برميل، وأفادت الإدارة بأن مخزونات الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج في أوكلاهوما هبطت 232 ألف برميل، مضيفة أن مخزونات نواتج التقطير التي تشمل وقود الديزل وزيت التدفئة زادت 4.1 مليون برميل مقابل توقعات بارتفاع قدره 256 ألف برميل.

وصعدت مخزونات البنزين 1.2 مليون برميل، في حين كانت توقعات محللين في استطلاع تشير إلى هبوط قدره 432 ألف برميل، وانخفضت معدلات التشغيل في مصافي التكرير 0.2 نقطة مئوية، وانخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام في الأسبوع الماضي بمقدار 522 ألف برميل يوميا إلى 7.24 مليون برميل، وزادت أسعار النفط للعقود الآجلة خسائرها إلى نحو 3 في المائة بعد صدور تقرير المخزونات من إدارة معلومات الطاقة.

وتعاني السوق النفطية من فائض زائد في المعروض، وفي هذا الإطار ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن تخمة المعروض من النفط في الأسواق العالمية لا تنحسر وتشكل عاملا رئيسا في انخفاض أسعار الخام رغم النمو القوي للطلب والانخفاض الكبير في الإنتاج من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

وأشارت الوكالة المعنية بتنسيق سياسات الطاقة للدول الصناعية، إلى أنها عدلت توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعامي 2016 و2017 بزيادة 0.1 مليون برميل يوميا عن تقديرات الشهر الماضي إلى 1.4 مليون و1.3 مليون برميل يوميا على الترتيب.

وأضافت الوكالة أن الطلب ينمو بفضل الاستهلاك الجيد في الهند والصين، وكذلك نمو الاستهلاك في أوروبا على نحو غير متوقع، ولكن من المستبعد استمرار نمو الطلب الأوروبي في ظل الاضطراب الحالي لاقتصادات أوروبا التي تواجه الآن مزيدا من الضبابية عقب نتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

وتراجعت أسعار النفط لأدنى مستوى في أكثر من 10 سنوات إلى 27 دولارا للبرميل في وقت سابق هذا العام من 115 دولارا في 2014، ونتيجة لهذا التراجع اضطر الكثير من المنتجين من خارج "أوبك" إلى

خفض الإنتاج، وعاودت الأسعار الارتفاع إلى نحو 50 دولارا للبرميل في الأشهر الأخيرة بدعم أيضا من تعطل بعض الإنتاج في دول مثل نيجيريا وكندا.

ويعتقد خبراء الوكالة التي تتخذ من باريس مقرا لها، أن هذا لم يكن كافيا لتقليص تخمة المعروض التي تراكمت على مدار العامين الأخيرين. وزادت المخزونات التجارية في الدول الصناعية 13.5 مليون برميل في أيار (مايو) لتصل إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 3.074 مليار برميل.

وأشارت وكالة الطاقة إلى أن المخزونات واصلت الزيادة في حزيران (يونيو)، وهو ما دفع النفط المخزن في منشآت عائمة - وهي واحدة من أعلى طرق التخزين تكلفة - إلى أعلى مستوياته منذ عام 2009، لافتة إلى أنه على الرغم من أن توازن السوق أصبح وشيكا لكن وجود مخزونات نفط مرتفعة للغاية يهدد الاستقرار الذي تحقق في أسعار النفط في الآونة الأخيرة.

وقالت الوكالة إن منشآت التخزين تقترب من الامتلاء وهي في تلك المستويات المرتفعة للغاية - خاصة المنتجات التي يتباطأ نمو الطلب عليها - تظل عاملا رئيسا للضغط على أسعار النفط، مضيفة أن أحدث البيانات تعطي إشارة إلى أن النمو ربما يكون آخذا في التباطؤ في بعض البلدان الرئيسة المستهلكة.

وفي الصين تعطي بيانات أيار (مايو) إشارات إلى أن نمو الطلب على أساس سنوي بلغ 130 ألف برميل يوميا فقط، وفي الولايات المتحدة زادت مبيعات البنزين التقديرية في نيسان (أبريل) بواقع 75 ألف برميل يوميا فقط على أساس سنوي بما يقل بنحو 410 آلاف برميل يوميا عن توقعات الوكالة.

وفي جانب الإمداد وبعد الانخفاض الشديد بمقدار 0.9 مليون برميل يوميا في إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك عام 2016 إلى 56.5 مليون برميل يوميا من المتوقع عودة الإنتاج إلى الانتعاش قليلا بمقدار 0.2 مليون برميل يوميا عام 2017.

في الوقت نفسه وصل إنتاج النفط الخام في "أوبك" خلال حزيران (يونيو) إلى أعلى مستوى في ثمانية أعوام عند 33.21 مليون برميل يوميا، حيث ضخت السعودية كميات تقترب من مستويات قياسية بلغت 10.45 مليون برميل يوميا في الوقت الذي تعافى فيه إنتاج النفط في نيجيريا قليلا بعد هجمات المتمردين.

وارتفع الإنتاج الإيراني إلى 3.66 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي بزيادة 50 ألف برميل يوميا عن أيار (مايو) و750 ألف برميل يوميا منذ تخفيف العقوبات الغربية المفروضة على طهران.

وبحسب الوكالة فقد زادت حصة سوق الشرق الأوسط من إمدادات النفط العالمية 35 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ أواخر السبعينيات، وتنبيه واضح بأنه حتى عندما يستأنف إنتاج النفط الصخري نموه في الولايات المتحدة سيظل المنتجون الأقدم أساسيين لأسواق النفط، مشيرة إلى أن إنتاج فنزويلا من النفط من المنتظر أن ينخفض بنحو 10 في المائة هذا العام بسبب نقص الكهرباء وأزمة السيولة وتراجع النشاط في شركات الخدمات النفطية الأجنبية. وألمحت الوكالة في تقريرها الشهري إلى أن انخفاض أسعار النفط وتراجع الإنتاج كانا انتكاسة مزدوجة لفنزويلا التي تعاني أزمة اقتصادية وسياسية، مضيفة أنه مع استمرار نقص السيولة هناك قلق متنام من أن يؤدي نقص حاد في الغذاء والدواء إلى انتشار التمرد في أنحاء البلاد. وتأمل فنزويلا في المحافظة على استقرار إنتاجها هذا العام، لكن وكالة الطاقة الدولية أشارت إلى أن انخفاض الإنتاج بنحو 200 ألف برميل يوميا يبدو "حتميا"، حيث تواجه شركات النفط العالمية مشكلات في السداد إلى جانب تحديات يومية في التشغيل.

© الاقتصادية 2016