خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية

شهدت أسواق الأسهم العربية أداء قوي خلال يوليو، مدعومة بعدة عوامل محفزة بدءاً بأسعار النفط القوية، ومروراً بأرباح الشركات الإيجابية المتوقعة عن الفصل الثاني من العام.

هذا بجانب تعزز الآمال بخفض أسعار الفائدة من جانب البنك الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر.

وجاء الارتفاع في أسعار النفط  مدفوع بخفض الإنتاج من جانب الدول المنتجة الرئيسية والطلب العالمي المطرد، ما وفر دعم مهم لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي.

ووصلت أسعار النفط إلى حدود 85 دولار للبرميل خلال الأسبوع الثاني من يوليو، ليرتفع متوسط خام برنت بحدود 2% خلال يوليو بالمقارنة مع يونيو. أضف إلى ذلك، فقد كشف موسم أرباح الشركات المدرجة عن توقعات بأداء قوي في مختلف القطاعات، متجاوزاً توقعات السوق، مما أدى إلى تعزيز ثقة المستثمرين وساهم في دعم هذا المسار الصاعد لأسواق الأسهم خلال يوليو.

في موازاة ذلك، ساهمت التوقعات بخفض أسعار الفائدة في توفير مزيد من الدعم، لاسيما في أعقاب تعليقات رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي الذي أشار إلى أن نسب التضخم والنشاط الاقتصادي تماشت على نطاق واسع مع توقعات الفيدرالي.

التفاصيل

بلغت القيمة السوقية للأسهم العربية 4,241 مليار دولار في نهاية يوليو 2024، بارتفاع نسبته 1.4% مقارنة مع نهاية يونيو.

وجاء ذلك على خلفية ارتفاع القيمة السوقية للسوق السعودية (+20.6 مليار دولار)، وسوق أبوظبي للأوراق المالية (+11.8 مليار دولار)، وسوق دبي المالي (+10.7 مليار دولار)، لتستحوذ هذه الأسواق الثلاث على أكثر من ثلثي إجمالي الزيادة في القيمة السوقية في المنطقة العربية.

في موازاة ذلك، شهدت أسواق الأسهم العربية أداء قوي في نشاط التداول، حيث أظهرت قيمة التداول الإجمالية ارتفاع شهري بنسبة 6.7%، وذلك إلى 75.4 مليار دولار في يوليو.

 

مستوى قياسي  

سجلت قيمة التداول في الأسواق العربية 609.7 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، وهو مستوى قياسي تاريخي بالمقارنة مع الفترة المماثلة من الأعوام السابقة، في حين لم تتجاوز 326 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من 2023.

في المقابل، بلغ إجمالي حجم التداول 110.1 مليار سهم في يوليو، مقابل 68.5 مليار سهم في يونيو، أي بارتفاع شهري نسبته 60.7%، في حين زادت عدد الصفقات بنسبة 29.9% على أساس شهري إلى نحو 15 مليون صفقة في يوليو.

وكذلك سجلت أسواق الأسهم العربية ارتفاع قوي في الأسعار خلال يوليو، حيث شهدت 12 سوق من أصل 15 سوق ارتفاع في مؤشرات أسعارها، ليسجل مؤشر ستاندرد آند بورز المركب للأسواق العربية، والذي يتتبع أداء 11 سوق للأسهم، ارتفاع قوي بنسبة 4.0% ليصل إلى 971.1 نقطة في نهاية يوليو.

وسجلت جميع الأسواق في دول مجلس التعاون الخليجي تقريباً مكاسب خلال الشهر، باستثناء الانخفاضات الهامشية في بورصة البحرين (-2.7%) وسوق مسقط للأوراق المالية (-0.5%)، مما يعكس معنويات المستثمرين الإيجابية تجاه المنطقة.

وعليه، ارتفع مؤشر MSCI لدول مجلس التعاون الخليجي للشهر الثاني على التوالي في يوليو بنسبة 4.5%، وهو أكبر مكسب شهري هذا العام، مما ساعد على تقليص الانخفاض منذ بداية العام وحتى نهاية يوليو إلى -1.3%، بعدما كان قد ناهز -5.6% منذ نهاية 2023 وحتى نهاية يونيو.

الأفضل أداءً

كان سوق دبي المالي الأفضل أداءً في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بزيادة قدرها 5.9% في مؤشره الرئيسي.

 

والجدير بالذكر أن سوق دبي المالي قد سجل زيادة كبيرة في نشاط شركات الوساطة، حيث تم فتح 56,345 حساب جديد للمستثمرين خلال الأشهر السبعة الأولى من 2024، بزيادة قدرها 148% عن نفس الفترة من العام الماضي، والتي سجلت 22,707 حساب جديد. ويعزى الارتفاع في الحسابات الجديدة إلى حد كبير إلى الاهتمام القوي من جانب المستثمرين بالإدراجات الأخيرة.

في حين كانت بورصة بيروت السوق الأفضل في المنطقة العربية بزيادة قدرها 12.1% في مؤشر أسعار بورصة بيروت، بينما كانت بورصة فلسطين الأقل أداءً في المنطقة مع انكماش بنسبة 3.1% خلال الشهر، وسط استمرار الحرب في غزة.

تفاصيل الأسواق

السعودية

سجلت السوق السعودية، التي تستحوذ قيمتها السوقية على نحو 64% من إجمالي القيمة السوقية في المنطقة، مكاسب للشهر الثاني على التوالي في يوليو، حيث اخترق مؤشرها الرئيسي الحاجز النفسي البالغ 12 ألف نقطة وبلغ ذروته في 21 يوليو عند 12,203 نقطة، قبل أن يتباطأ بعض الشيء مع نهاية الشهر ليغلق على ارتفاع شهري بلغ 3.7%، هو الأعلى في ثلاثة أشهر.

 

والجدير بالذكر أن أداء المؤشر كان مدعوم بمجموعة من العوامل، بما في ذلك ارتفاع أسعار النفط والربحية القوية للشركات المدرجة في السوق المالية السعودية خلال النصف الأول من العام.

أبوظبي

سجلت سوق أبوظبي للأوراق المالية زيادة بنسبة 4.6% في مؤشرها الرئيسي FADX15، وذلك للشهر الثاني على التوالي بعد نمو بنسبة 3% في يونيو.

الجدير بالذكر أن دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي أعلنت مؤخراً عن إضافة 12 نشاط اقتصادي جديد إلى  برنامج رخص أبوظبي، ما يتيح للشركات الصغيرة الحصول على رخصة اقتصادية دون الحاجة إلى العمل من مقر فعلي أو دفع إيجار على المساحات التجارية لمدة ثلاث سنوات، وذلك بهدف خفض تكلفة بدء الأعمال في الإمارة.

 

مصر

كانت البورصة المصرية من بين الأسواق الأفضل أداءً في المنطقة العربية خلال يوليو، حيث سجل مؤشرها الرئيسي ارتفاع شهري بنسبة 5.8%، لترتفع قيمتها السوقية بنحو 2.5 مليار دولار خلال الشهر.

والجدير بالذكر أن إجمالي قيمة التداول بلغت نحو 20 مليار دولار، حيث استحوذت الأسهم على 10.7% من التعاملات داخل المقصورة، في حين شكلت تعاملات السندات وأذون الخزانة 89.3%، علماً بأن المستثمرين المصريين استحوذوا على ما نسبته 88% من إجمالي التعاملات على الأسهم المدرجة خلال يوليو، في حين استحوذ الأجانب على 5.8% والعرب على 6.2%، وذلك بعد استبعاد الصفقات.

 

 

أغسطس

استهلت أسواق الأسهم العربية شهر أغسطس بتراجعات حادة، لاسيما يومي الرابع والخامس من أغسطس، وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي تزامنت مع التوترات الجيوسياسية في المنطقة وذعر من جانب المستثمرين.

وقد ولد هذا – كما متوقع - موجة بيع أرخت بثقلها على أداء الأسواق العالمية والعربية بشكل عام، ليطغى اللون الأحمر على أداء الأسبوع الأول من أغسطس، حيث سجلت 14 سوق عربية من أصل 15 سوق تراجعات في مؤشرات أسعارها.

وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز المركب للأسواق العربية المصمم لتتبع أداء 11 سوق أسهم، انخفاض أسبوعي بنسبة 2.5%، في حين انكمش مؤشر MSCI لمنطقة الخليج بنسبة 2.3% وذلك خلال الأسبوع الممتد من 4 إلى 9 أغسطس، على الرغم من بعض عمليات التصحيح والتعافي بين يومي 6 و7 أغسطس. في حين من المتوقع أن يستمر هذا الأداء الواهن خلال شهر أغسطس، لاسيما في ظل تفاقم حدة التجاذبات الجيوسياسية في المنطقة.

 

(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا