خاص لزاوية عربي من فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية 

للشهر الثالث على التوالي هذا العام، واصلت أسواق الأسهم العربية تراجعها خلال شهر مايو، حيث ظلت الأسعار تحت ضغوط هبوطية ملموسة على مدى أربعة أسابيع متتالية.

أسعار الفائدة

جاء الأداء متتبع بشكل رئيسي وهن أسواق الأسهم العالمية، وسط انحسار الرهانات على خفض قريب في أسعار الفائدة، لاسيما بعد محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي جاء أكثر تشدداً.

إذ كشف المحضر عن قلق متزايد بين صناع السياسات بشأن عدم إحراز تقدم كبير في كبح نسب التضخم، في حين أشار إلى رغبة بعض أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة إذا لم يظهر التضخم انخفاض مستدام نحو هدف الفيدرالي البالغ 2%.

غير أن أحدث البيانات الخاصة بإنفاق الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة عادت وجددت الرهان مرة أخرى مع نهاية مايو على خفض مرتقب في أسعار الفائدة هذا العام.

أسباب أخرى

بالتوازي مع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن التوترات الجيوسياسية المستمرة في المنطقة، إضافةً إلى مقتل الرئيس الإيراني في حادث تحطم مروحية، وانخفاض أسعار النفط الخام من 89 دولار للبرميل في أبريل إلى 83 دولار للبرميل في مايو بسبب المخاوف من انخفاض الطلب في ظل ارتفاع أسعار الفائدة المحتملة، ناهيك عن أرباح الشركات التي جاءت أقل من المتوقع للربع الأول من العام، كلها عوامل أرخت بثقلها بشدة على أداء أسواق الأسهم العربية خلال الشهر.

الأداء السعري

سجلت أسواق الأسهم العربية تراجع ملموس في الأسعار خلال مايو، حيث سجلت 9 أسواق من أصل 15 سوق تراجعات في مؤشراتها السعرية.

وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز العربي المركب، المصمم لتتبع أداء 11 سوق للأسهم، تراجع بنسبة 5.6% على أساس شهري، ليصل إلى 911.9 في نهاية مايو، مقارنة بانخفاض قدره 1.4% في نهاية أبريل. في حين سجل مؤشر فوتسي واتحاد أسواق المال العربية للشركات منخفضة انبعاثات الكربون في المنطقة العربية تراجع بنسبة 1.6% خلال الشهر.

نبذة سريعة على مؤشر فوتسي واتحاد أسواق المال العربية

تجدر الإشارة إلى أنه في أكتوبر 2020، أطلق اتحاد أسواق المال العربية بالتعاون مع مجموعة بورصة لندن مؤشر للشركات منخفضة انبعاثات الكربون في المنطقة العربية. ويتكون المؤشر من 40 سهم متداول في الأسواق العربية لشركات تلبي معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وتستثمر في تخفيض استهلاك الطاقة.

أداء مؤشر MSCI لدول مجلس التعاون الخليجي

انخفض مؤشر MSCI لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 6.4% في مايو، وهو أكبر انخفاض منذ 17 شهر، وسط انخفاضات صافية في مؤشر تداول السعودية الذي كان الأقل أداءً في منطقة دول مجلس التعاون، حيث انخفض بنسبة 7.2%، في أكبر انخفاض شهري منذ سبتمبر 2022.

وأغلق مؤشر تداول في نهاية الشهر عند أدنى نقطة في أكثر من خمسة أشهر، وذلك في سياق أرباح ضعيفة لبعض الشركات المدرجة التي تم الإعلان عنها مؤخراً، ما أثر على معنويات المستثمرين بشكل عام، ناهيك عن ضغوط الأسواق العالمية وأسعار النفط المتقلبة.

وتراجع كل من: مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 4.3%، مؤشر بورصة قطر بنسبة 4.2%، ومؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 3.8%.

 فيما كان مؤشر سوق العراق للأوراق المالية الأقل أداءً في المنطقة العربية مع انكماش نسبته 7.4% خلال الشهر.

مسقط ومصر

في المقابل، سجل المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط أكبر مكاسب شهرية في منطقة الخليج وذلك بنسبة 1.3%، حيث كان مؤشر القطاع المالي هو المحرك الرئيسي لنمو المؤشر خلال الشهر، ليسجل زيادة بنسبة 3.2% خلال مايو، وهو الأعلى بين بقية المؤشرات القطاعية.

أما خارج منطقة الخليج، جاءت البورصة المصرية الأفضل أداءً في المنطقة العربية خلال شهر مايو، بارتفاع هام في مؤشرها الرئيسي بنسبة 10.1%، لاسيما بعد الإعلان عن البدء في تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية، بدءاً من موسم الضرائب مارس/أبريل 2025، الأمر الذي أعاد بعض التوازن إلى السوق، بعد شهر صعب في أبريل ترقب خلاله السوق تطبيق مبكر للضريبة.

حققت البورصة المصرية مكاسب قياسية في مايو، مدعومة بعمليات شراء قوية للأسهم في العديد من القطاعات في سياق التفاؤل السائد بشأن تحسن الأوضاع الاقتصادية مع حصول مصر على الدفعة الثانية والأخيرة من اتفاقية رأس الحكمة البالغة 35 مليار دولار وارتفاع الاحتياطيات الدولية لمصر ب5.1 مليار دولار على أساس شهري إلى مستوى قياسي جديد، مسجلة 46.12 مليار دولار في نهاية مايو 2024، مقارنة ب 41.05 مليار دولار في نهاية أبريل.

في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن الأسواق العربية قد شهدت بعض التحسن في الأسعار مع مطلع الأسبوع الأول من يونيو، وتحديدا يومي الأحد 2 يونيو والاثنين 3 يونيو، وذلك في ضوء الطرح العام الثانوي لحصة إضافية تمثل 0.64% من أسهم أرامكو السعودية في سوق الأسهم السعودية، والتي تم بيع أسهما في 2 يونيو بالكامل بعد ساعات قليلة من افتتاح عملية البيع، ولكن سرعان ما عاودت المؤشرات السعرية الدخول في دوامة الخانة الحمراء في الأيام المتبقية من الأسبوع الماضي.

 

(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا