توقع محللون أن يعود معدل التضخم في مصر للارتفاع خلال 2024 بعد أن تباطأ لعدة أشهر متتالية، وذلك بعد أن رفعت الحكومة الخميس أسعار البنزين والسولار، مع توقعات بمزيد من الزيادات في أسعار سلع وخدمات خلال الفترة المقبلة.

ورفعت الحكومة أسعار المواد البترولية بنسب بين 10 و15% بما في ذلك كافة أنواع البنزين والسولار المستخدم في سيارات نقل السلع والمواد الغذائية. 

وتواجه مصر، تحديات مالية ضاغطة على موازنتها العامة في ظل نقص الموارد الدولارية وتضرر إيرادات قناة السويس بشكل كبير نتيجة توترات البحر الأحمر، ما جلعها تلجأ لصندوق النقد الدولي، فيما خفف من حدة هذه الضغوط توقيع اتفاقية شراكة مع الإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة أمنت لها 35 مليار دولار خلال النصف الأول من 2024.

خلفية سريعة

ويعد هذا ثاني رفع لأسعار الوقود هذا العام، وكانت المرة الأولى في مارس الماضي بعد أيام من السماح بخفض الجنيه مقابل الدولار من مستوى 30.9 جنيه ليتراوح حاليا حول 48 جنيه، وهذه أيضا المرة الثانية على التوالي لرفع سعر السولار والذي كان قليلا ما يتم تحريك سعره لحساسية تأثيره على أسعار المواد الغذائية والخضروات أكبر مكون في مؤشر التضخم.

وتعتمد مصر على الاستيراد لتوفير المنتجات البترولية للسوق المحلي، وتطبق آلية لتسعير المنتجات البترولية تعرف بآلية التسعير التلقائي تأخذ في الاعتبار أسعار الخام عالميا وسعر صرف العملة الأجنبية في محاولة لخفض دعم الوقود بالموازنة. ويتم تحديد سعر المنتجات البترولية كل 3 شهور.

وستصبح الأسعار الجديدة للمنتجات البترولية، وفق وسائل إعلام محلية:

- لتر البنزين 80 عند 12.25 جنيه بدلا من 11 جنيه، بزيادة 11.4%.
- لتر بنزين 92 عند 13.75 جنيه بدلا من 12.5 جنيه بزيادة 10%.
- لتر بنزين 95 عند 15 جنيه بدلا من 13.5 جنيه بزيادة 11.1%.
- لتر السولار عند 11.5 جنيه بدلا من 10 جنيه بزيادة 15%.

رفع كبير، ثم؟

لا يعد قرار رفع أسعار المواد البترولية مفاجئا، في ظل اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي والذي ينص على رفع أسعار الوقود ببطء حتى تتوقف الحكومة عن دعم الطاقة، حسب ما قاله تيموثي قلدس، نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، لزاوية عربي.

وبحسب قلدس فإن "الضغط على الحكومة المصرية لخفض الإنفاق مرتفع للغاية من أجل الامتثال لهذا الشق، الأمر ليس مرتبط فقط بالصندوق لكن أيضا بالتمويلات الأوروبية".

وتترقب مصر نهاية هذا الشهر، إجراء المراجعة الثالثة لبرنامجها مع صندوق النقد الدولي، بعد أن تم تأجيلها من بداية الشهر، وسط تساؤلات عن مدى التزام الحكومة ببنود الاتفاق خاصة وأن الصندوق حذف مصر من جدول اجتماعاته ليوم 29 يوليو ثم أعادها مرة أخرى.

وبعد توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد لزيادة القرض من 3 مليار دولار إلى 8 مليار دولار مارس الماضي، تم الإعلان عن اتفاقات وتعهدات تمويل دولية لمصر بمليارات الدولارات من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.

وقال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات الاستثمار بشركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية والمحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، لزاوية عربي، إن ضغوط الصندوق سببها تراكم الإصلاحات المطلوبة من الحكومة في فترة زمنية أقل.

وتوصلت الحكومة لاتفاق مع الصندوق لمدة 46 شهرا في ديسمبر 2022، لكن تم تجميده بسبب تأخر الإصلاحات لأكثر من عام، إلى أن تم إحياؤه في مارس الماضي، بزيادة قيمته دون تغيير المدة.

"تراكمت الإصلاحات في فترة أقل.. بدل ما كنا هنخلصها في 3 سنين ونصف هنخلصها في سنتين ونصف،" وفق جنينة.

 وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قال في تصريحات متلفزة الأربعاء، إن الحكومة سترفع أسعار المنتجات البترولية تدريجيا حتى نهاية 2025، حتى تصل لتوازن في الأسعار.

"هنتدرج في زيادات أسعار المنتجات البترولية هناخد سنة ونص علشان فقط أوصل لنقطة التوازن،" وفق مدبولي.

ويفسر جنينة، أنه نتيجة لتراكم الإصلاحات فيتوقع أن تلجأ الحكومة لـ "رفع سريع" لأسعار الوقود بالحد الأقصى للتسعير والبالغ 10% وفق آلية التسعير التلقائي، أو أعلى من الحد الأقصى، حتى الوصول لتحرير أسعار الوقود.

ووفق جنينة فإنه من المتوقع أن "اجتماع لجنة الوقود هتبقى دورية أكثر ربما تكون شهريا.. وممكن بعد كده بعد 3 سنين أو 4 سنين يبقى التسعير سوقي (وفق آليات السوق)".

التضخم والفائدة

توقع محللان أن تعود معدلات التضخم للارتفاع حتى مستوى 30% أو أعلى قليلا، بعد أن شهدت تباطؤ تحت هذا المستوى خلال الشهور الماضية.

وكان معدل التضخم السنوي في المدن المصرية سجل في فبراير 35.7% ثم اتخذ اتجاه تباطؤ لأربعة أشهر متتالية حتى وصل إلى 27.5% في يونيو الماضي.

وقالت آية زهير، رئيس قسم البحوث في شركة زيلا كابيتال بمصر، إن تأثير الزيادة في أسعار المحروقات ستظهر على قراءة التضخم في أغسطس المقبل، متوقعة أن يستمر ارتفاع التضخم خلال الثلاثة شهور حتى أكتوبر 2024 بنسبة بين 2% إلى 3%.

وكان البنك المركزي، توقع أن يستقر التضخم خلال 2024 حول مستوياته الحالية على أن يتباطأ في النصف الأول من العام المقبل، لكنه أشار إلى أنه لا تزال هناك مخاطر صعودية تحيط بالمسار النزولي المتوقع للتضخم، تتضمن احتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.

ومن بين الإجراءات الحكومية المتوقعة لضبط المالية العامة زيادة أسعار بعض الخدمات والسلع، ويُتوقع رفع أسعار الكهرباء خلال الأسابيع المقبلة.

"احنا كسرنا تحت مستوى الـ 30% لأ، هنطلع له تاني، في أغسطس أعتقد أن يبقى معدل التضخم الشهري تقريبا 2%،" وفق جنينة.

وكان معدل التضخم الشهري في المدن المصرية سجل في يونيو الماضي 1.6%.

واستبعدت آية زهير، أن يلجأ البنك المركزي لرفع الفائدة خلال الشهور المقبلة، وتوقعت أن يبقي على أسعار الفائدة بدون تغيير، كونه استوعب الضغوط التضخمية نتيجة الإجراءات الحكومية المتوقعة لخفض عجز الموازنة في تحركاته بداية العام.

وفي اجتماعه في يوليو، ثبت المركزي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي والثاني هذا العام، بعد أن رفع الفائدة 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي في 6 مارس الماضي و200 نقطة أساس في فبراير. ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية في 5 سبتمبر المقبل.

"هو مش هيرفع ولا هيخفض أسعار الفائدة بل هو هيثبت أسعار الفائدة في الفترة القادمة،" وفق المحللة.

 

(إعداد: شيماء حفظي، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلمطول

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا