توقع سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com للتداول، أن تحد الضغوط المتعلقة بسعر صرف الجنيه ومخاطر تصاعد التضخم وتبعات التوترات الجيوسياسية من إمكانية توسع نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر خلال الأشهر المقبلة، بعد أن ظل في منطقة الانكماش رغم التحسن الطفيف في أكتوبر.

ارتفعت قراءة مؤشر مديري المشتريات الصادر عن مؤسسة S&P ـ الذي يقيس أداء القطاع الخاص غير النفطي- إلى 49 نقطة في أكتوبر من 48.8 نقطة في سبتمبر. لكن لا تزال الشركات محاصرة في منطقة الانكماش مع قراءة أقل من المستوى المحايد عند 50 نقطة.

كان تراجع الطلب المحلي والإنتاج وارتفاع التكلفة وراء انكماش النشاط في سبتمبر، بعد أن شهد في أغسطس أول توسع منذ نوفمبر 2020، ورغم أن الشركات تمكنت من التقاط أنفاسها في أكتوبر بتقليص وتيرة التباطؤ لكن تراجع المؤشرات ذاتها الشهر الماضي جعلها لا تزال قابعة في منطقة الانكماش بانتظار أي دفعة تأخذها مجددا نحو إطار النمو.

ورغم الضغوط، قال ديفد أوين خبير اقتصادي أول في التقرير، إن "الاقتصاد غير المنتج للنفط في مصر لا يبدو بعيدا عن النمو مرة أخرى".

ماذا حدث؟

شهدت أنشطة القطاع الخاص غير النفطي استمرار في الانكماش للشهر الثاني على التوالي في أكتوبر لكن بوتيرة أبطأ من تلك التي شهدها سبتمبر، مع تراجع النشاط التجاري والطلبات الجديدة في ظل ظروف السوق الصعبة وارتفاع الأسعار.

وعلى عكس الطلبات والإنتاج اللذان تراجعا تحت تأثير ارتفاع أسعار البيع، أظهر التقرير تحسن في قطاعي التوظيف وتكوين المخزون، وتوقعات الشركات بتحسن الأنشطة في الأشهر المقبلة وإن كان هذا وسط أدنى مستويات الثقة.

فسر سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com للتداول لزاوية عربي، هذا التفاوت قائلا إن الجانب الإيجابي بتحسن معنويات الشركات ورفعها لوتيرة التوظيف، قد يعكس الثقة حول قدرة الاقتصاد على مواصلة النمو، ما دعم اقتراب أنشطة القطاع الخاص من النطاق المحايد وتقليص انكماشه.

هذا التفاؤل، يأتي من الثقة بفعالية الإصلاحات الاقتصادية وهذا ما انعكس عبر إشادة صندوق النقد الدولي بالاقتصاد المصري، والتحرك الأخير من وكالة فيتش بشأن التصنيف الائتماني لمصر، والخفض الملحوظ مؤخرا لمستوى الدين الخارجي بنسبة 10% تقريبا يعطي الاقتصاد مرونة أكبر في مواجهة الصدمات التي قد يتعرض لها، وفق حسن.

لكن على الجانب السلبي، فإن العوامل الخارجية المحيطة قد تقلل من قدرة الاقتصاد على مواصلة التوسع، حيث أن تفاقم الصراع في الشرق الأوسط وغياب أفق قريب للحل من شأنه أن يضغط على معنويات المستثمرين.

" كما أنه (تفاقم الصراع) يمد أجل الاضطرابات في البحر الأحمر بما يعيق تدفق الإيرادات من قناة السويس إضافة إلى الضرر الذي يلحق بالقطاع السياحي الذي يساهم بحوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي، كما سيشكل بدوره عائقا أمام تدفق العملات الأجنبية نحو الاقتصاد المصري من أبرز قنواته. هذا أيضاً ما قد يشكل أبرز مصادر تغذية التضخم التي أشار إليها تقرير مديري المشتريات،" حسب حسن.

فقدت قناة السويس أكثر من 50% من إيراداتها الدولارية المتوقعة نتيجة التوترات في المنطقة، وتأثيرها على الملاحة في المجري الملاحي.

التضخم والجنيه

" المخاطر الصعودية للتضخم قد تبقى لتغيم على معنويات أصحاب الأعمال بما يحد من قدرة الأنشطة على التوسع خلال الأشهر المقبلة،" بحسب حسن.

هذه المخاطر جليّة مع تعثر المسار السياسي للحل سواء في غزة أو لبنان واحتمالية تفاقم الصراع ما بين إيران وإسرائيل، وهو ما يدفع كبار المسؤولين في مصر للسعي للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة والذي من شأنه أن يؤسس لتهدئة أوسع في الإقليم ويزيل أهم العقبات أمام الشركات لمواصلة التوسع.

كان معدل التضخم السنوي في المدن المصرية قد ارتفع في سبتمبر الماضي إلى 26.4%، مع اتخاذ الحكومة إجراءات لخفض الدعم وعجز الموازنة، فيما يُترقب أرقام أكبر للتضخم في شهر أكتوبر بعد أن رفعت الحكومة أسعار الوقود.

قد تواجه الشركات أيضا مخاطر أخرى متعلقة بسعر الصرف، ناتجة عن القوة التي يظهرها الدولار الأمريكي أمام العملات الأجنبية، على ضوء الرهانات على إمكانية فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي سيقوم بتطبيق سياسات تجارية خارجية حمائية بما يفاقم من الحرب التجارية وتصب في صالح تقوية الدولار، حسب حسن.

وأضاف أن هذه القوة ظهرت عبر ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام الأسبوع الفائت إلى أعلى المستويات منذ يوليو الماضي على الرغم من التفاؤل المستمر حول استمرار الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مؤية قبل نهاية هذا العام.

ومنذ بداية نوفمبر، يشهد الجنيه تراجع مقابل الدولار، ليتداول خلال الأسبوع الأول من الشهر حول مستوى 49 جنيه، بعد أن كان يتداول في نطاق 48.5 جنيه.

وتعد قوة الدولار وفق حسن "مصدر آخر يشكل ضغطا على الجنيه للتراجع وقد يتسبب في إبقاء المخاطر الصعودية للتضخم مرتفعة".

 

(إعداد: شيماء حفظي، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا