22 06 2012

«بين آند كومباني» تتوقع استمرار النمو بوتيرة أبطأ

شهد قطاع التجزئة في منطقة الخليج معدلات نمو كبيرة في مبيعات المتاجر التي ارتفعت بأكثر من 16% في 2011 مقارنة بالعام 2010. وعزت دراسة لشركة "بين آند كومباني" العالمية المتخصصة في مجال استشارات الأعمال الانتعاش بشكل رئيسي إلى نضوج مفاهيم البيع بالتجزئة القائمة وحاجة تجار التجزئة إلى الابتكار للحفاظ على معدلات النمو المرتفعة التي حققوها. وأشارت إلى ان العام 2011 كان عاما استثنائيا وتتوقع أن تمضي السوق الاستهلاكية في دول مجلس التعاون الخليجي قدما نحو تسجيل معدل نمو قوي ولكن بوتيرة أبطأ.

وأوضحت الدارسة أن قطاع البيع بالتجزئة في منطقة الخليج شهد في الفترة من 2004 إلى 2008 مرحلة نمو هائلة بلغت أكثر من 20% سنويا. وأعقب ذلك انخفاض حاد في عام 2009 ليصل معدل النمو إلى 6%، ومن ثمّ انتعاش متواضع في عام 2010 بلغ 9%.

وتفوقت السلع الكمالية على السلع الأساسية بشكل كبير في السعودية وارتفعت مبيعات البقالات المسجلة أكثر من 15%، في حين ارتفع حجم مبيعات الالكترونيات والسلع الفاخرة بنسبة 25?. ونتيجة لانخفاض عدد المحلات الجديدة، ارتفع حجم المبيعات للمتر المربع الواحد للمرة الاولى في ثلاث سنوات، ما أنعكس بصورة إيجابية على متوسط هامش أرباح التشغيل التي ارتفعت أيضا إلى 7% في عام 2011، مقارنة بـ 6% في عام 2010. ويعود الازدهار الذي شهده القطاع العام الماضي إلى عدة أسباب أهمها الأسس القوية للأسواق الاستهلاكية في دول مجلس التعاون الخليجي، بينما لعبت مجموعة من العوامل الاستثنائية دورا أيضا في هذا النمو.

نضوج مفاهيم البيع

وقال جان ماري بين رئيس مجلس إدارة شركة "بين آند كومباني" في الشرق الأوسط لـ"البيان الاقتصادي":

"فترة الازدهار تشير إلى نضوج مفاهيم البيع بالتجزئة القائمة في دول الخليج. ومن المعروف أنّ تجار التجزئة الجدد سيطروا على الأسواق الاستهلاكية عموما من خلال افتتاح متاجر جديدة للحصول على نصيب الأسد من الإنفاق الاستهلاكي الكلي.

فمثلا، قبل عشر سنوات كان هناك عدد قليل من متاجر الهايبرماركت ومراكز التسوق الضخمة أو متاجر الإلكترونيات الكبيرة المتخصصة، أما اليوم فقد وصلت نسبة انتشارها إلى مستويات عالية، حيث يصل عدد محلات الهايبرماركت ومحلات السوبر ماركت لكل مليون نسمة في المدن السعودية الكبيرة اليوم إلى مستويات مماثلة لتلك في الإمارات والأسواق الناشئة الأخرى. أما انخفاض حصة محلات البقالة الحديثة في السعودية مقارنة مع الإمارات (50% مقابل 80%) فلا يعود إلى قلة عدد المحلات، وإنما يعود في الواقع إلى الاختلافات في السلوكيات الاستهلاكية وحجم سلة الشراء."

وقال: رغم أنه لا تزال هناك بعض الفرص في الأحياء الجديدة أو المدن الصغيرة، فإنّ فرص افتتاح متاجر جديدة تتضاءل. وهذا لن يثني تجار التجزئة اليوم عن المضي قدما في وضع خطط لافتتاح متاجر جديدة، لكن الأمر الذي يجدر بنا لفت الانتباه إليه هو خطر تجاوز المتاجر والمحلات الإضافية معدل نمو السوق في السنوات المقبلة، لا سيّما مع استحواذ المتاجر الجديدة على نصيب المتاجر القائمة والتحديات الكبيرة التي تواجه تجار التجزئة المتمثلة بالحفاظ على أرباحهم ومبيعاتهم لكل متر مربع.

ومن المتوقع أن تتراجع المبيعات للمتر المربع الواحد وأن تزيد الضغوط على الربحية نتيجة التدخل المتزايد لحكومات دول مجلس التعاون في السوق لمنع تضخم أسعار المواد الغذائية. وقد ركزت حكومات المنطقة جهودها حتى الآن لمراقبة أسعار موردي السلع الغذائية، إلا أنّ قطاع التجزئة تأثر في بعض الحالات.

فإذا تضخم سعر سلعة من المواد الغذائية على مستوى العالم، قد لا يسمح لتجار التجزئة نقل كامل الزيادة في التكاليف إلى المتسوقين، حيث أصبحت مراقبة الأسعار خطرا جديدا يفرض على تجار التجزئة التعامل معه بحذر.

حان الوقت للابتكار

من جانبه قال سيريل فابر الشريك لـ "بين آند كومباني"، والمسؤول عن تجارة التجزئة والمنتجات الاستهلاكية في الشرق الأوسط: "مع تغير المفاهيم القائمة في قطاع التجزئة، بات تجار التجزئة في حاجة ملحة إلى الابتكار من أجل تحقيق نمو مربح ومستدام. وبعد المقارنة بين أسواق المنطقة والأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة في قطاع التجزئة، نلحظ أنّ هناك ميادين وفرص عديدة للابتكار."

فهم المتسوقين

وقال فابر ان تجار التجزئة المستحوذين على الحصة الأكبر في السوق سيعمدون أولاً إلى تطوير الأشكال الحالية. ومن أجل القيام بذلك بصورة فعالة يتوجب تفعيل الاستثمار في مجال فهم المتسوقين واحتياجاتهم واعتماد نهج قائم على تصنيف العملاء.

وكخطوة أولى في هذا الاتجاه، أطلق العديد من رواد قطاع التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي مثل "جرير" و"لاندمارك" و"كارفور" مؤخرا عدة برامج ولاء من أجل فهم المتسوقين بصورة أفضل. الخطوة التالية ستكون تصميم العروض والحملات الترويجية حسب احتياجات المجموعة المتنوعة من العملاء في كل قسم من أقسام المتجر.

ولا يزال هذا النهج القائم على التقسيم في مراحله الأولى في المنطقة، مثلا مع قيام متاجر التجزئة وبيع الالكترونيات في الولايات المتحدة بتخصيص منتجاتها حسب الموقع، فإنّ متاجر التجزئة والالكترونيات في معظم دول مجلس التعاون الخليجي تملك سياسة موحدة في كافة منافذها.

ومع تطوير هذا المستوى من استخبارات وتحليلات المستهلك، سيكون بإمكان تجار التجزئة التكيف مع هذه الظروف وإطلاق منتجات وخدمات جديدة ذات قيمة مضافة حظيت بنجاح عالمي، مثل العلامات الخاصة أو الخدمات المالية في محلات البقالة.

وأضاف: ينبغي على تجار التجزئة أيضا تحديد مصادر جديدة للنمو بعيدة عن صلب أعمالهم القائمة. فهناك فرصة كبيرة للابتكار في مجال العلامات التجارية والنماذج والمناطق الجغرافية. من ناحية النماذج، لا تزال المنطقة تعتمد بصورة رئيسية على نماذج قليلة، منها محلات السوبر ماركت والهايبر ماركت ومحلات التجزئة المتخصصة ومراكز التسوق الكبيرة. وماذا عن المتاجر الحديثة ومحلات الخصومات الثابتة ومراكز التسوق ومنافذ البيع وقطاع التجارة الإلكترونية؟

كل هذه المفاهيم ناجحة على الصعيد العالمي، لكنها بحاجة إلى مزيد من التطوير والتطبيق في المنطقة. وعلى الرغم من العدد الكبير من العلامات التجارية المتوفرة في المنطقة، نجد أنّ هناك فجوات كبيرة في بعض شرائح السوق.

فمثلا في مجال الأزياء، تحظى العلامات التجارية العالمية الراقية والعلامات التجارية المتدنية بتمثيل جيد للغاية، لكن هناك عددا قليلا من العلامات التجارية المتوسطة الجودة في أسواق المنطقة. وهناك آفاق وفرص أخرى، حيث توفر المخازن عددا قليلا من العلامات التجارية المحلية."

فرصة للتطوير

يملك تجار التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي فرصة لريادة تطوير قطاع التجزئة الحديث في البلدان الأقل تقدما في مجال التجزئة الشرق الأوسط مثل مصر أو العراق. وكانت نتائج التوسع الجغرافي لتجار التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي مثل كارفور ولاندمارك ناجحة وينبغي على غيرهم من تجار التجزئة النظر في هذه الأسواق التي تتمتع بإمكانات عالية .

مشيراً إلى أن امتلاك تجار التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي ايضاً فرصا هائلة للابتكار في جوهر أعمالهم. والاستفادة من هذه الفرص واستغلالها يتطلب استراتيجيات مركزة، إضافة إلى تطوير منظومة أقوى قادرة على إدارة نموذج أعمال أكثر تعقيدا.

© Al Bayan 2012